قال الفراء: والمعنى: ولا تجعلوا الله معترضا لأيمانكم. وقال أبو عبيد: نصبا لأيمانكم، كأنه يعني: أنكم تعترضونه في كل شئ فتحلفون به. وفي معنى الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناها: لا تحلفوا بالله أن لا تبروا ولا تتقوا ولا تصلحوا بين الناس، هذا قول ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وابن جبير، وإبراهيم، والضحاك، وقتادة، والسدي، ومقاتل، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج في آخرين.
والثاني: أن معناها: لا تحلفوا بالله كاذبين لتتقوا المخلوقين وتبروهم، وتصلحوا بينهم بالكذب، روى هذا المعنى عطية عن ابن عباس.
والثالث: أن معناها: لا تكثروا الحلف بالله وإن كنتم بارين مصلحين، فإن كثرة الحلف بالله ضرب من الجرأة عليه. هذا قول ابن زيد.
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم (225) قوله [تعالى]: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) قال الزجاج: اللغو في كلام العرب: ما أطرح ولم يعقد عليه أمر، ويسمى ما لا يعتد به، لغوا. وقال ابن فارس: اشتقاق ذلك من قولهم لما لا يعتد به من أولاد الإبل في الدية وغيرها لغو، يقال منه: لغا يلغو، وتقول: لغي بالأمر يلغى: إذا لهج به. وقيل إن اشتقاق اللغة منه. وفي المراد باللغو هاهنا خمسة أقوال:
أحدها: أن يحلف على الشئ يظن أنه كما حلف، ثم يتبين له أنه بخلافه. وإلى هذا المعنى ذهب أبو هريرة، وابن عباس، والحسن، وعطاء، والشعبي، وابن جبير، ومجاهد، وقتادة، والسدي عن أشياخه، ومالك، ومقاتل.
والثاني: أنه: لا والله، وبلى والله، من غير قصد لعقد اليمين، وهو قول عائشة، وطاووس، وعروة، والنخعي، والشافعي. واستدل أرباب هذا القول بقوله [تعالى] (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) وكسب القلب: عقدة وقصده، وهذان القولان منقولان عن الإمام أحمد، روى عنه ابنه عبد الله أنه قال: اللغو عندي أن يحلف على اليمين، يرى أنه كذلك، ولا كفارة. والرجل يحلف ولا يعقد قلبه على شئ، فلا كفارة.
والثالث: أنه يمين الرجل وهو غضبان، رواه طاوس عن ابن عباس.