في الحرم، ولا في الأشهر الحرم، إلا أن يقاتلوا فيه أو يغزوا، وما نسخت.
والثاني: أنه منسوخ، قال سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار: القتال جائز في الشهر الحرام، وهذه الآية منسوخة بقوله [تعالى]: (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) وبقوله [تعالى]: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر). وهذا قول فقهاء الأمصار.
قوله [تعالى]: (وصد عن سبيل الله) هو مرفوع بالابتداء، وخبر هذه الأشياء: (أكبر عند الله). وفي المراد ب " سبيل الله " هاهنا قولان:
أحدهما: أنه الحج، لأنهم صدوا رسول الله، [صلى الله عليه وآله وسلم]، عن مكة. قاله ابن عباس والسدي عن أشياخه.
والثاني: أنه الإسلام، قاله مقاتل، وفي هاء الكناية في قوله: (وكفر به) قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى الله تعالى قاله السدي عن أشياخه، وقتادة، ومقاتل، وابن قتيبة.
والثاني: أنها تعود إلى السبيل. قاله ابن عباس. قال ابن قتيبة: وخفض " المسجد الحرام " نسقا على: (سبيل الله) كأنه قال: وصد عن سبيل الله، وعن المسجد الحرام.
قوله [تعالى]: (وإخراج أهله منه) لما آذوا رسول الله وأصحابه، اضطروهم إلى الخروج فكأنهم أخرجوهم، فأعلمهم الله أن هذه الأفعال أعظم من قتل كافر. " والفتنة " هاهنا بمعنى الشرك. قاله ابن عمر، وابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، وقتادة، والجماعة. والفتنة في القرآن على وجوه كثيرة، قد ذكرتها في كتاب " النظائر " (ولا يزالون) يعني: الكفار، (يقاتلونكم) يعني: المسلمين. و (حبطت) بمعنى: بطلت:
إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم (218) قوله تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أنه لما نزل القرآن بالرخصة لأصحاب عبد الله بن جحش في قتل ابن الحضرمي، قال بعض المسلمين: ما لهم أجر، فنزلت هذه الآية: وقد ذكرنا هذا في سبب نزول قوله [تعالى]:
(يسألونك عن الشهر الحرام) عن جندب بن عبد الله.
والثاني: أنه لما نزلت لهم الرخصة قاموا، فقالوا: أتطمع لنا من ربنا أن تكون لنا هذه غزاة،