والثاني: أن المنسوخ منها: (ولا تعتدوا) ولهؤلاء في هذا الاعتداء قولان:
أحدهما: أنه قتل من لم يقاتل.
والثاني: أنه ابتداء المشركين بالقتال وهذا منسوخ بآية السيف.
والقول الثاني: أنها محكمة، ومعناها عند أرباب هذا القول: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) وهم الذين أعدوا أنفسهم للقتال، فأما من ليس بمعد نفسه للقتال، كالرهبان والشيوخ الفناة، والزمنى، والمكافيف، والمجانين، فإن هؤلاء لا يقاتلون وهذا حكم باق غير منسوخ.
فصل واختلف العلماء في أول آية نزلت في إباحة القتال على قولين:
أحدهما: أنها قوله تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا) قاله أبو بكر الصديق، وابن عباس، وسعيد بن جبير، والزهري.
والثاني: أنها هذه الآية: (وقاتلوا في سبيل الله) قاله أبو العالية، وابن زيد.
واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين (191).
قوله تعالى: (واقتلوهم حيث ثقفثموهم).
أي: وجدتموهم. يقال: ثقفته أثقفه: إذا وجدته. قال القاضي أبو يعلى: قوله [تعالى]:
(واقتلوهم حيث ثقفتموهم). عام في جميع المشركين، إلا من كان بمكة، فإنهم أمروا بإخراجهم منها، إلا من قاتلهم فإنهم أمروا بقتالهم، يدل على ذلك قوله في نسق الآية: (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه) وكانوا قد آذوا المسلمين بمكة حتى اضطروهم إلى الخروج، فكأنهم أخرجوهم. فأما الفتنة، ففيها قولان:
أحدهما: أنها الشرك، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وقتادة في آخرين.