والثاني: أن المراد بالناس هاهنا: إبراهيم الخليل، [عليه السلام]، قاله الضحاك بن مزاحم.
والثالث: أن المراد بالناس آدم، قاله الزهري: وقد قرأ أبو المتوكل، وأبو نهيك، ومورق العجلي: " الناسي " باثبات الياء.
والرابع: أنهم أهل اليمن وربيعة، فإنهم كانوا يفيضون من عرفات، قاله مقاتل.
وفي المخاطبين بذلك قولان:
أحدهما: أنه خطاب لقريش، وهو قول الجمهور.
والثاني: أنه خطاب لجميع المسلمين، وهو يخرج على قول من قال: الناس آدم، أو إبراهيم. والإفاضة هاهنا على ما يقتضيه ظاهر اللفظ: هي الإفاضة من المزدلفة إلى منى صبيحة النحر، إلا أن جمهور المفسرين على أنها الإفاضة من عرفات، فظاهر الكلام لا يقتضي ذلك، كيف يقال: (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله) ثم أفيضوا من عرفات؟! غير أني أقول: وجه الكلام على ما قال أهل التفسير: أن فيه تقديما وتأخيرا، تقديره: ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس، فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله.
و " الغفور ": من أسماء الله، عز وجل، وهو من قولك: غفرت الشئ: إذا غطيته، فكأن الغفور هو الساتر لعبده برحمته، أو الساتر لذنوب عباده. والغفور: هو الذي يكثر المغفرة، لأن بناء المفعول للمبالغة من الكثرة، كقولك: صبور، وضروب، وأكول.
فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق (200) ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (201) أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب (202) * واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون (203) قوله [تعالى]: (فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله).
في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن أهل الجاهلية كانوا إذا اجتمعوا بالموسم، ذكروا أفعال آبائهم وأيامهم وأنسابهم في