والبارئ: الخالق. ومعنى (فاقتلوا أنفسكم): ليقتل بعضكم بعضا. قاله ابن عباس ومجاهد.
واختلفوا فيمن خوطب بهذا على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه خطاب للكل، قاله السدي عن أشياخه.
والثاني: أنه خطاب لمن لم يعبد ليقتل من عبد، قاله مقاتل.
والثالث: أنه خطاب للعابدين فحسب، أمروا أن يقتل بعضهم بعضا، قاله أبو سليمان الدمشقي. وفي الإشارة بقوله: " ذا " في: " ذلكم " قولان:
أحدهما: أنه يعود إلى القتل.
والثاني: أنه يعود إلى التوراة.
الإشارة إلى قصتهم في ذلك قال ابن عباس: قالوا لموسى: كيف يقتل الآباء الأبناء، والإخوة الإخوة؟ فأنزل الله عليهم ظلمة لا يرى بعضهم بعضا، فقالوا: فما آية توبتنا؟ قال: أن يقوم السلام ولا يقتل، وترفع الظلمة.
فقتلوا حتى خاضوا في الدماء، وصاح الصبيان: يا موسى: العفو العفو. فبكى موسى، فنزلت التوبة، وقام السلام، وارتفعت الظلمة. قال مجاهد: بلغ القتلى سبعين ألفا. قال قتادة: جعل القتل للقتيل شهادة، وللحي توبة.
وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون (55) قوله [تعالى]: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة).
في القائلين لموسى ذلك قولان:
أحدهما: أنهم السبعون المختارون، قاله ابن مسعود وابن عباس.
والثاني: جميع بني إسرائيل إلا من عصم الله منهم، قاله ابن زيد، قال: وذلك أنهم أتاهم بكتاب الله، فقالوا: والله لا نأخذ بقولك حتى نرى الله جهرة، فيقول: هذا كتابي وفي " جهرة " قولان:
أحدهما: أنه صفة لقولهم، أي: جهروا بذلك القول، قاله ابن عباس، وأبو عبيدة.
والثاني: أنها الرؤية البينة، أي: أرناه غير مستتر عنا بشئ، يقال: فلان يتجاهر بالمعاصي، أي: لا يستتر من الناس، قاله الزجاج. ومعنى " الصاعقة ": ما يصعقون منه، أي: يموتون. ومن