والرابع: أن رجلا من الأنصار كان له غلام اسمه صبيح، كان يكرهه على الإسلام، فنزلت هذه الآية، والقولان عن مجاهد.
فصل واختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذا القدر من الآية، فذهب قوم إلى أنه محكم، وأنه من العام المخصوص، فإنه خص منه أهل الكتاب بأنهم لا يكرهون على الإسلام، بل يخيرون بينه وبين أداء الجزية، وهذا معنى ما روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة. وقال ابن الأنباري: معنى الآية: ليس الدين ما تدين به في الظاهر على جهة الإكراه عليه، ولم يشهد به القلب، وتنطوي عليه الضمائر، إنما الدين هو المنعقد بالقلب، وذهب قوم إلى أنه منسوخ وقالوا هذه الآية نزلت قبل الأمر بالقتال، فعلى قولهم، يكون منسوخا بآية السيف، وهذا مذهب الضحاك، والسدي، وابن زيد. والدين هاهنا: أريد به الإسلام. والرشد: الحق، والغي: الباطل. وقيل: هو الإيمان والكفر.
وأما الطاغوت، فهو اسم مأخوذ من الطغيان، وهو مجاوزة الحد، قال ابن قتيبة: الطاغوت: واحد، وجمع، ومذكر، ومؤنث قال تعالى: (أولياؤهم الطاغوت) وقال: (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها) والمراد بالطاغوت هاهنا خمسة أقوال:
أحدها: أنه الشيطان، قاله عمر، وابن عباس، ومجاهد، والشعبي، والسدي، ومقاتل في آخرين.
والثاني: أنه الكاهن، قاله سعيد بن جبير، وأبو العالية.
والثالث: أنه الساحر، قاله محمد بن سيرين.
والرابع: أنه الأصنام، قاله اليزيدي، والزجاج.
والخامس: أنه مردة أهل الكتاب، ذكره الزجاج أيضا.
قوله [تعالى]: (فقد استمسك بالعروة الوثقى) هذا مثل للإيمان، شبه التمسك به بالتمسك بالعروة الوثيقة. وقال الزجاج: معنى الكلام: فقد عقد لنفسه عقدا وثيقا. والانفصام: كسر الشئ من غير إبانة.
الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (257)