قوله [تعالى]: (قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين).
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون (68) وإنما انتفى من الهزء، لأن الهازئ جاهل لاعب، فلما تبين لهم أن الأمر من عند الله، (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي). قال الزجاج: وإنما سألوا: ما هي، لأنهم لا يعلمون أن بقرة تحيا بضرب بعضها ميت.
فأما الفارض فهي: المسنة، يقال: فرضت البقرة فهي فارض: إذا أسنت. والبكر: الصغيرة التي لم تلد، والعوان: دون المسنة، وفوق الصغير، يقال: حرب عوان: إذا لم تكن أول حرب، وكانت ثانية.
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين (69) قالوا ادع ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون (70) قوله [تعالى]: (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال: إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين. قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون).
في الصفراء قولان:
أحدهما: أنه من الصفرة، وهو: اللون المعروف، قاله ابن عباس، وقتادة، وابن زيد، وابن قتيبة، والزجاج.
والثاني: أنها السوداء، قال الحسن البصري، ورده جماعة، فقال ابن قتيبة: هذا غلط في نعوت البقر، وإنما يكون ذلك في نعوت الإبل، يقال: بعير أصفر، أي: أسود، لأن السود من الإبل يشوب سوادها صفرة، ويدل على ذلك: قوله [تعالى]: (فاقع لونها).
قال الزجاج: وفاقع نعت للأصفر الشديد الصفرة، يقال: أصفر فاقع، وأحمر قانئ وأخضر ناضر، وأبيض يقق، وأسود حالك، وحلكوك ودجوجي، فهذه صفات المبالغة في الألوان.
ومعنى (تسر الناظرين) تعجبهم، قال ابن عباس: شدد القوم فشدد الله عليهم. وروى أبو هريرة [رضي الله عنه]، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " لولا أن بني إسرائيل استثنوا لم يعطوا الذي أعطوا " يعني بذلك قولهم.
(وإنا إن شاء الله لمهتدون).