والثاني: أنها من صليت العود إذا لينته، فالمصلي يلين ويخشع.
والثالث: أنها مبنية على السؤال والدعاء، والصلاة في اللغة الدعاء وهي في هذا المكان اسم جنس.
قال مقاتل: أراد بها هاهنا: الصلوات الخمس.
وفي معنى إقامتها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه تمام فعلها على الوجه المأمور به، روي عن ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: أنه المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها، قاله قتادة، ومقاتل.
والثالث: أنه إدامتها، والعرب تقول في الشئ الراتب: قائم، وفلان يقيم أرزاق الجند، قاله ابن كيسان.
قوله [تعالى]: (ومما رزقناهم) أي: أعطيناهم (ينفقون) أي يخرجون. وأصل الإنفاق الإخراج. يقال: نفقت الدابة: إذا خرجت روحها.
وفي المراد بهذه النفقة أربعة أقوال:
أحدها: أنها النفقة على الأهل والعيال، قاله ابن مسعود، وحذيفة.
والثاني: أنها الزكاة المفروضة، قاله ابن عباس، وقتادة.
والثالث: أنها الصدقات النوافل، قاله مجاهد والضحاك.
والرابع: أنها النفقة التي كانت واجبة قبل وجوب الزكاة، ذكره بعض المفسرين، وقالوا:
إنه كان فرض على الرجل أن يمسك مما في يده مقدار كفايته يومه وليلته، ويفرق باقيه على الفقراء. فعلى قول هؤلاء، الآية منسوخة بآية الزكاة، وغير هذا القول أثبت. واعمل أن الحكمة في الجمع بين الإيمان بالغيب وهو عقد القلب، وبين الصلاة وهي فعل البدن، وبين الصدقة وهو تكليف يتعلق بالمال - أنه ليس في التكليف قسم رابع، إذ ما عدا هذه الأقسام فهو ممتزج بين اثنين منهما، كالحج والصوم ونحوهما.
والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون (4) قوله [تعالى]: (والذين يؤمنون بما أنزل إليك) اختلفوا فيمن نزلت على قولين:
أحدهما: أنها نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه، رواه الضحاك عن أبن عباس، واختاره مقاتل.