فصل معنى الضرورة في إباحة الميتة: أن يخاف على نفسه أو بعض أعضائه. سئل أحمد، رضي الله عنه، عن المضطر إذا لم يأكل الميتة، فذكر عن مسروق أنه قال: من اضطر فلم يأكل فمات دخل النار. وأما مقدار ما يأكل، فنقل حنبل: يأكل مقدار ما يقيمه عن الموت. ونقل ابن منصور: يأكل بقدر ما يستغني. فظاهر الأولى: أنه لا يجوز له الشبع، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وظاهر الثانية: جواز الشبع، وهو قول مالك.
إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم (174) قوله [تعالى]: (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب).
قال ابن عباس: نزلت في اليهود، كتموا اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وغيروه في كتابهم. والثمن القليل: ما يصيبونه من أتباعهم من الدنيا. (أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار) [قال الزجاج:
معناه: إن الذين يأكلونه يعذبون به، فكأنهم يأكلون النار] (ولا يكلمهم الله) هذا دليل على أن الله لا يكلم الكفار ولا يحاسبهم.
وفي قوله [تعالى]: (ولا يزكيهم) ثلاثة أقوال:
أحدها: لا يزكي أعمالهم، قاله مقاتل.
والثاني: لا يثني عليهم، قاله الزجاج.
والثالث: لا يطهرهم من دنس كفرهم وذنوبهم، قاله ابن جرير.
أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار (175) قوله تعالى: (أولئك الذين اشتروا الضلالة) أي: اختاروها على الهدى.
وفي قوله [تعالى]: (فما أصبرهم على النار) أربعة أقوال:
أحدها: أن معناه: فما أصبرهم على عمل يؤديهم إلى النار! قاله عكرمة، والربيع.