والثاني: الزبور، قاله مقاتل. قوله [تعالى]: (وعلمه مما يشاء) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها صنعة الدروع.
والثاني: الزبور.
والثالث: منطق الطير.
قوله [تعالى]: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض) قرأ الجمهور (دفع) بغير ألف هاهنا، وفي " الحج " ان الله يدفع وقرأ نافع، ويعقوب، وأبان (ولولا دفاع الله). قال أبو علي: المعنيان متقاربان، قال الشاعر:
ولقد حرصت بأن أدافع عنهم * فإذا المنية أقبلت لا تدفع وفي معنى الكلام قولان:
أحدهما: أن معناه: لولا أن الله يدفع بمن أطاعه عمن عصاه، كما دفع عن المتخلفين عن طالوت بمن أطاعه، لهلك العصاة بسرعة العقوبة، قاله مجاهد.
والثاني: أن معناه، لولا دفع الله المشركين بالمسلمين، لغلب المشركون على الأرض، فقتلوا المسلمين، وخربوا المساجد، قاله مقاتل. ومعنى: (لفسدت الأرض) لهلك أهلها.
تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين (252) قوله تعالى: (تلك آيات الله نتلوها عليك) أي: نقص عليك من أخبار المتقدمين. (وإنك لمن المرسلين) حكمك حكمهم، فمن صدقك، فسبيله سبيل من صدقهم، ومن عصاك، فسبيله سبيل من عصاهم.
تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد (253) قوله [تعالى]: (منهم من كلم الله) يعني: موسى عليه السلام. وقرأ أبو المتوكل، وأبو نهيك، وابن السميفع: منهم من كالم الله بألف خفيفة اللام، ونصب اسم " الله ". وفي المراد بقوله:
(ورفع بعضهم فوق بعض درجات) قولان:
أحدهما: عنى بالمرفوع درجات، محمدا عليه السلام، فإنه بعث إلى الناس كافة، وغيره بعث إلى أمته خاصة، هذا قول مجاهد.
والثاني: أنه عنى تفضيل بعضهم على بعض فيما اتاه الله، هذا قول مقاتل. قال ابن جرير