جميع القرآن، واستثنى يحيى والعليمي كسر الراء في المائدة في قوله [تعالى]: (من اتبع رضوانه) وقرأ الباقون بكسر الراء، والكسر لغة قريش. قال الزجاج: يقال: رضيت الشئ أرضاه رضى ومرضاة ورضوانا ورضوانا (والله بصير بالعباد). يعلم من يؤثر ما عنده ممن يؤثر شهوات الدنيا، فهو يجازيهم على أعمالهم.
الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار (16) الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار (17) قوله [تعالى]: (الصابرين) أي: على طاعة الله [عز وجل]: وعن محارمه (والصادقين) في عقائدهم وأقوالهم (والقانتين) بمعنى المطيعين لله (والمنفقين) في طاعته.
وقال ابن قتيبة يعني: بالنفقة الصدقة. وفي معنى استغفارهم قولان:
أحدهما: أنه الاستغفار المعروف باللسان، قاله ابن مسعود، والحسن في آخرين.
والثاني: أنه الصلاة. قاله مجاهد، وقتادة، والضحاك ومقاتل في آخرين. فعلى هذا إنما سميت الصلاة استغفارا، لأنهم طلبوا بها المغفرة، فأما السحر، فقال إبراهيم بن السري: السحر: الوقت الذي قبل طلوع الفجر، وهو أول إدبار الليل إلى طلوع الفجر، فوصفهم الله بهذه الطاعات، ثم وصفهم بأنهم لشدة خوفهم يستغفرون.
شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم (18) قوله [تعالى]: (شهد الله أنه لا إله إلا هو) سبب نزول هذه الآية أن حبرين من أحبار الشام قدما النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أبصرا المدنية، قال أحدهما لصاحبه: ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبي الذي يخرج في آخر الزمان، فلما دخلا على النبي [صلى الله عليه وآله وسلم]، عرفاه بالصفة، فقالا: أنت محمد؟
قال: " نعم ". قالا. وأحمد؟ قال: " نعم ". قالا: نسألك عن شهادة، فإن أخبرتنا بها، آمنا بك، فقال: " سلاني ". فقالا: أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله، فنزلت هذه الآية، فأسلما، قاله ابن السائب. وقال غيره: هذه الآية رد على نصارى نجران فيما ادعوا في عيسى [عليه السلام]، وقد سبق ذكر خبرهم في أول السورة. وقال سعيد بن جبير: كان حول الكعبة ثلاثمائة