أحدهما: أن يأخذه بغير طيب نفس من مالكه، كالسرقة، والغصب، والخيانة.
والثاني: أن يأخذه بطيب نفسه، كالقمار، والغناء، وثمن الخمر، وقال الزجاج: الباطل:
الظلم. " وتدلوا " أصله في اللغة من: أدليت الدلو: إذا أرسلتها لتملأها، ودلوتها: إذا أخرجتها.
ومعنى أدلى فلان بحجته: أرسلها، وأتى بها على صحة. فمعنى الكلام: تعملون على ما يوجبه أدلاء الحجة، وتخونون في الأمانة، وأنتم تعلمون أن الحجة عليكم في الباطن.
وفي هاء " بها " قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى الأموال، كأنه قال: لا تصانعوا ببعضها جورة الحكام.
والثاني: أنها ترجع إلى الخصومة، فإن قيل كيف أعاد ذكر الأكل فقال: " ولا تأكلوا " " لتأكلوا "؟ فالجواب: أنه وصل اللفظة الأولى بالباطل، والثانية بالإثم، فأعادها للزيادة في المعنى، ذكره ابن الأنباري.
يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون (189) قوله [تعالى]: (يسئلونك عن الأهلة).
هذه الآية من أولها إلى قوله: " والحج " نزلت على سبب وهو أن رجلين من الصحابة قالا:
يا رسول الله! ما بال الهلال يبدو دقيقا، ثم يزيد ويمتلئ حتى يستدير ويستوي ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان؟ فنزلت: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) هذا قول ابن عباس.
ومن قوله [تعالى]: (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) إلى آخرها، يدل على سبب آخر، وهو انهم كانوا إذا حجوا، ثم قدموا المدينة، لم يدخلوا من باب، ويأتون البيوت من ظهورها، [فنسي رجل فدخل من باب، فنزلت: (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) هذا قول البراء بن عازب.