قوله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) في المشار إليه بذلك قولان:
أحدهما: أنه التمتع بالعمرة إلى الحج.
والثاني: أنه الجزاء بالنسك والصيام. " لمن " في هذا القول بمعنى: " على ". [فأما حاضروا المسجد الحرام، فقال ابن عباس، وطاوس ومجاهد: هم أهل الحرم. وقال عطاء:] من كان منزله دون المواقيت. قال ابن الأنباري: ومعنى الآية: إن هذا الفرض لمن كان من الغرباء، وإنما ذكر أهله، وهو المراد بالحضور، لأن الغالب على الرجل أن يسكن حيث أهله ساكنون.
الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب (197) قوله [تعالى]: (الحج أشهر معلومات).
في الحج لغتان: فتح الحاء، وهي لأهل الحجاز، وبها قرأ الجمهور. وكسرها، وهي لتميم، وقيل: لأهل نجد، وبها قرأ الحسن. قال سيبويه: يقال: حج حجا، كقولهم: ذكر ذكرا.
وقالوا: حجة، يريدون: عمل سنة. قال الفراء: المعنى: وقت الحج هذه الأشهر. وقال الزجاج:
معناه: أشهر الحج أشهر معلومات.
وفي أشهر الحج قولان:
أحدهما: أنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، قاله ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، والحسن، وابن سيرين، وعطاء، والشعبي، وطاوس، والنخعي، وقتادة، ومكحول، والضحاك، والسدي، وأبو حنيفة، وأحمد بن حنبل، والشافعي، [رضي الله عنهم].
والثاني: أنها شوال وذو القعدة وذو الحجة، وهو مروي عن ابن عمر أيضا، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، والزهري، والربيع، ومالك بن أنس. قال ابن جرير الطبري: إنما أراد هؤلاء أن هذه الأشهر ليست أشهر العمرة، إنما هي للحج، وإن كان عمل الحج قد انقضى بانقضاء أيام منى، وقد كانوا يستحبون أن يفعلوا العمرة في غيرها. قال ابن سيرين: ما أحد من أهل العلم شك في أن عمرة في غير أشهر الحج أفضل من عمرة في أشهر الحج، وإنما قال: (الحج أشهر) وهي شهران وبعض الآخر على عادة العرب. قال الفراء: تقول العرب: له اليوم يومان لم أره، وإنما هو يوم، وبعض آخر. وتقول: زرتك العام، وأتيتك اليوم، وإنما وقع الفعل في ساعة. وذكر ابن