المفسرين أن قصة عناق وأبا مرثد كانت سببا لنزول قوله [تعالى]: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) وقصة ابن رواحة كانت سببا لنزول قوله [تعالى]: (ولأمة مؤمنة خير من مشركة).
فأما التفسير، فقال المفضل: أصل النكاح: الجماع، ثم كثر ذلك حتى قيل للعقد: نكاح.
وقد حرم الله عز وجل نكاح المشركات عقدا ووطءا.
وفي " المشركات " هاهنا قولان:
أحدهما: أنه يعم الكتابيات وغيرهن، وهو قول الأكثرين.
والثاني: أنه خاص في الوثنيات، وهو قول سعيد بن جبير، والنخعي، وقتادة.
وفي المراد بالأمة قولان:
أحدهما: أنها المملوكة، وهو قول الأكثرين، فيكون المعنى: ولنكاح أمة مؤمنة خير من نكاح حرة مشركة.
والثاني: أنها المرأة، وإن لم تكن مملوكة، كما يقال: هذه أمة الله، هذا قول الضحاك، والأول أصح.
وفي قوله: (ولو أعجبتكم) قولان:
أحدهما: بجمالها وحسنها.
والثاني: بحسبها ونسبها.
فصل اختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية، فقال القائلون بأن المشركات الوثنيات: هي محكمة، وزعم بعض من نصر هذا القول أن اليهود والنصارى ليسوا بمشركين بالله، وإن جحدوا بنبوة نبينا. قال شيخنا: وهو قول فاسد من وجهين:
أحدهما: أن حقيقة الشرك ثابتة في حقهم حيث قالوا: عزير ابن الله، والمسيح ابن الله.
والثاني: أن كفرهم بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، يوجب أن يقولوا: إن ما جاء به ليس من عند الله، وإضافة ذلك إلى غير الله شرك. فأما القائلون بأنها عامة في جميع المشركات، فلهم في ذلك قولان:
أحدهما: أن بعض حكمها منسوخ بقوله: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم). وبقي الحكم في غير أهل الكتاب محكما.
والثاني: أنها ليست منسوخة، ولا ناسخة، بل هي عامة في جميع المشركات، وما أخرج