من كل باب سلام عليكم) أراد: يقولون و (السميع) بمعنى: السامع، لكنه أبلغ، لأن بناء فعيل للمبالغة. قال الخطابي: ويكون السماع بمعنى القبول والإجابة، كقول النبي [صلى الله عليه وآله وسلم]: " أعوذ بك من دعاء لا يسمع " أي: لا يستجاب. وقول المصلي: سمع الله لمن حمده، أي: قبل الله حمد من حمده. وأنشدوا:
دعوت الله حتى خفت أن لا * يكون الله يسمع ما أقول الإشارة إلى بناء البيت روى أنس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: كانت الملائكة تحج إلى البيت قبل آدم. وقال ابن عباس:
لما أهبط آدم، قال الله تعالى له: يا آدم! اذهب فابن لي بيتا فطف به، واذكرني حوله كما رأيت ملائكتي تصنع حول عرشي. فأقبل يسعى حتى انتهى إلى البيت الحرام، وبناه من خمسة أجبل: من لبنان، وطور سيناء، وطور زيتا، والجودي، وحراء، فكان آدم أول من أسس البيت، وطاف به، ولم يزل كذلك حتى بعث الله الطوفان، فدرس موضع البيت، فبعث الله إبراهيم وإسماعيل. وقال علي ابن أبي طالب: عليه السلام لما أمر الله تعالى إبراهيم ببناء البيت، ضاق به ذرعا، ولم يدر كيف يصنع، فأنزل الله عليه كهيئة السحابة فيها، رأس يتكلم، فقال: يا إبراهيم! علم على ظلي، فلما علم ارتفعت. وفي رواية عنه أنه كان يبني عليها كل يوم، قال: وحفر إبراهيم تحت السكينة، فأبدى عن قواعد، ما تحرك احدى القاعدة منها دون ثلاثين رجلا. فلما بلغ موضع الحجر، قال لإسماعيل: التمس لي حجرا، فذهب يطلب حجرا، فجاء جبريل بالحجر الأسود فوضعه، فلما جاء إسماعيل، قال: من جاءك بهذا الحجر؟ قال: جاء به من لم يتكل على بنائي وبنائك. وقال ابن عباس، وابن المسيب، وأبو العالية: رفعا القواعد التي كانت قواعد قبل ذلك. وقال السدي: لما أمره ببناء البيت، لم يدر أين يبني، فبعث الله ريحا، فكنست حول الكعبة عن الأساس الأول الذي كان البيت عليه قبل الطوفان.
قوله [تعالى]: (ربنا واجعلنا مسلمين لك) قال الزجاج: المسلم في اللغة: الذي قد استسلم لأمر الله، وخضع. والمناسك: المتعبدات. فكل متعبد منسك ومنسك، ومنه قيل للعابد:
ناسك. وتسمى الذبيحة المتقرب بها إلى الله، تعالى النسيكة. وكأن الأصل في النسك إنما هو من الذبيحة لله تعالى.
قوله [تعالى]: (وأرنا مناسكنا) أي: مذابحنا. قاله مجاهد. وقال غيره: هي جميع أفعال الحج. وقرأ ابن كثير: (وأرنا) بجزم الراء. و (رب أرني) و (أرنا اللذين). وقرأ نافع، وحمزة،