قوله [تعالى]: (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) قال الزجاج: أي: لأولادكم. قال مقاتل: إذا لم ترض الأم بما يرضى به غيرها، فلا حرج على الأب أن يسترضع لولده.
وفى قوله [تعالى]: (إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف) قولان:
أحدهما: إذا سلمتم أيها الآباء إلى أمهات الأولاد أجور ما أرضعن قبل اشباعهن، قاله مجاهد، والسدي.
والثاني: إذا سلمتم إلى الظئر أجرها بالمعروف، قاله سعيد بن جبير، ومقاتل. وقرأ ابن كثير (ما أتيتم) بالقصر، قال أبو علي: وجهه أن يقدر فيه: ما أتيتم نقده أو أوتيتم سوقه، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه كما تقول: أتيت جميلا، أي: فعلته.
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير (234) قوله تعالى: (والذين يتوفون منكم) أي: يقبضون بالموت. وقرأ المفضل عن عاصم " يتوفون " بفتح الياء في الموضعين. قال ابن قتيبة: هو من استيفاء العدد، واستيفاء الشئ: أن نستقصيه كله، يقال: توفيته واستوفيته، كما يقاله: تيقنت الخير واستيقنته، هذا الأصل، ثم قيل للموت: وفاة وتوف (ويتربصن) ينتظرن وقال الفراء: وإنما قال: (وعشرا) ولم يقل: عشرة، لأن العرب إذا أبهمت العدد من الليالي والأيام، غلبوا فقال على الليالي على الأيام، حتى إنهم ليقولون:
صمنا عشرا من شهر رمضان، لكثرة تغليبهم أي الليالي والأيام، فإذا أظهروا مع العدد تفسيره، كانت الإناث بغير هاء، والذكور بالهاء كقوله تعالى: (سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما).
فإن قيل ما وجه الحكمة في زيادة هذه العشرة؟ فالجواب: أنه يبين صحة الحمل بنفخ الروح فيه، قاله سعيد بن المسيب، وأبو العالية ويشهد له الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح ".
فصل وهذه الآية ناسخة للتي تشابهها، وهي تأتي بعد آيات، وهي قوله: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول). لأن تلك كانت تقتضي وجوب العدة سنة،