وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين (43) قوله [تعالى]: (وأقيموا الصلاة).
يريد: الصلوات الخمس، وهي هاهنا اسم جنس، والزكاة: مأخوذة من الزكاء، وهو الماء، والزيادة. يقال: زكا الزرع يزكو زكاء. [وقال ابن الأنباري: معنى الزكاة في كلام العرب: الزيادة والماء، فسميت زكاة، لأنها تزيد في المال الذي تخرج منه، وتوفره، وتقيه من الآفات، ويقال: هذا أزكى من ذاك، أي: أزيد فضلا منه].
قوله [تعالى]: (واركعوا).
أي: صلوا مع المصلين. قال ابن عباس: يريد محمد [صلى الله عليه وآله وسلم]، وأصحابه [رضي الله عنهم ]. وقيل: إنما ذكر الركوع، لأنه ليس في صلاتهم ركوع، والخطاب لليهود. وفي هذه الآية دلالة على أن الكفار مخاطبون بالفروع، وهي إحدى الروايتين عن أحمد رضي الله عنه.
أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون (44) قوله [تعالى]: (أتأمرون الناس بالبر).
قال ابن عباس: نزلت في اليهود، كان الرجل يقول لقرابته من المسلمين في السر: أثبت على ما أنت عليه فإنه حق. والألف في " أتأمرون " ألف الاستفهام، ومعناه التوبيخ.
وفي " البر " هاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه التمسك بكتابهم، كانوا يأمرون باتباعه ولا يقومون به.
والثاني: اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، روي القولان عن ابن عباس.
والثالث: الصدقة، كانوا يأمرون بها، ويبخلون. ذكره الزجاج.
قوله [تعالى]: (وتنسون) أي: تتركون. وفي " الكتاب " قولان:
أحدهما: أنه التوراة، قاله الجمهور.
والثاني: أنه القرآن، فلا يكون الخطاب على هذا القول لليهود.
واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلى علي الخاشعين (45) قوله [تعالى]: (واستعينوا بالصبر والصلاة).
الأصل في الصبر: الحبس، فالصابر حابس لنفسه عن الجزع. وسمي الصائم صابرا لحبسه