والثاني: أنهم حبسوها يوم السبت وأخذوها يوم الأحد، وذلك أن الرجل كان يحفر الحفرة، ويجعل لها نهرا إلى البحر، فإذا كان يوم السبت فتح النهر، وقد حرم الله عليه العمل يوم السبت، فيقبل الموج بالحيتان حتى يلقيها في الحفيرة، فيريد الحوت الخروج فلا يطيق، فيأخذها يوم الأحد، قاله السدي.
الإشارة إلى قصة مسخهم روى عثمان بن عطاء عن أبيه قال: نودي الدين اعتدوا في السبت ثلاثة أصوات: نودوا: يا أهل القرية، فانتبهت طائفة [ثم نودوا: يا أهل القرية فانتبهت طائفة] أكثر من الأولى، ثم نودوا: يا أهل القرية، فانتبه الرجال والنساء والصبيان، فقال الله لهم: (كونوا قردة خاسئين) فجعل الذين نهوهم يدخلون عليهم فيقولون: فلان ألم ننهكم؟ فيقولون برؤوسهم: بلى. قال قتادة: فصار القوم قردة تعاوي، لها أذناب بعدما كانوا رجالا ونساء.
وفي رواية عن قتادة: صار الشبان قردة والشيوخ خنازير، وما نجا إلا الذين نهوا، وهلك سائرهم. وقال غيره: كانوا نحوا من سبعين ألفا، وعلى هذا القول العلماء، غير ما روي عن مجاهد أنه قال: مسخت قلوبهم ولم تمسخ أبدانهم، وهو قول بعيد، قال ابن عباس: لم يحيوا على الأرض إلا ثلاثة أيام، ولم يحيي مسخ في الأرض فوق ثلاثة أيام، ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل.
وزعم مقاتل أنهم عاشوا سبعة أيام، وماتوا في اليوم الثامن، وهذا كان في زمان داود عليه السلام.
قوله [تعالى]: (خاسئين): الخاسئ في اللغة: المبعد، يقال للكلب: اخسأ، أي: تباعد.
فجعلناها نكالا لما بين يديه وما خلفها وموعظة للمتقين (66) قوله [تعالى]: (فجعلناها).
في المنكي عنها أربعة أقوال:
أحدها: أنها الخطيئة، رواه عطية عن ابن عباس.
والثاني: العقوبة، رواه الضحاك عن ابن عباس، وقال الفراء: الهاء: كناية عن المسخة التي مسخوها.
والثالث: أنها القرية، والمراد أهلها، قاله قتادة وابن قتيبة.
والرابع: أنها الأمة التي مسخت، قاله الكسائي، والزجاج.
وفي النكال قولان:
أحدهما: أنه العقوبة، قاله مقاتل.
والثاني: العبرة، قاله ابن قتيبة والزجاج.