الزجاج: " ما " في تأويل الشئ، أي: فنعم الشئ هو. وقال أبو علي: نعم الشئ إبداؤها. وقوله [تعالى]: (فهو خير لكم) فهو الإخفاء. واتفق العلماء على أن إخفاء الصدقة النافلة أفضل من إظهارها، وفي الفريضة قولان:
أحدهما: أن إظهارها أفضل، قاله ابن عباس في آخرين. واختاره القاضي أبو يعلى. وقال الزجاج: كان إخفاء الزكاة على عهد رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم]، أحسن، فأما اليوم، فالناس مسيؤون الظن، فإظهارها أحسن.
والثاني: إخفاؤها أفضل، قاله الحسن، وقتادة، ويزيد بن أبي حبيب. وقد حمل أرباب القول الأول الصدقات في الآية على الفريضة، وحملوا (وإن تخفوها) على النافلة، وهذا قول عجيب.
وإنما فضلت صدقة السر لمعنيين:
أحدهما: يرجع إلى المعطي، وهو بعده عن الرياء، وقربه من الإخلاص، والإعراض عما تؤثر النفس من العلانية.
والثاني: يرجع إلى المعطى، وهو دفع الذل عنه بإخفاء الحال، لأنه في العلانية ينكسر.
قوله [تعالى]: (ويكفر عنكم) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم (ونكفر) بالنون والرفع، والمعنى: ونحن نكفر، ويجوز أن يكون مستأنفا. وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي:
" ونكفر " بالنون وجزم الراء. قال أبو علي: وهذا على حمل الكلام على موضع قوله: (فهو خير لكم) في موضع جزم، ألا ترى أنه لو قال: وإن تخفوها يكن أعظم لأجركم لجزم، ومثله: (لولا أخرتني فأصدق وأكن) حمل قوله و " أكن "، على موضع " فأصدق ". وقرأ ابن عامر: " ويكفر " بالياء والرفع، وكذلك عن حفص عن عاصم على الكناية عن الله عز وجل، وقرأ أبان عن عاصم، " وتكفر " بالتاء المرفوعة، وفتح الفاء مع إسكان الراء.
قوله [تعالى]: (من سيئاتكم) في " من " قولان:
أحدهما: أنها زائدة.
والثاني: أنها داخلة للتبعيض. قال أبو سليمان الدمشقي: ووجه الحكمة في ذلك أن يكون العباد على خوف ووجل.
ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون (272)