قوله تعالى: (نزل عليك الكتاب) يعني: القرآن (بالحق) يعني: العدل. (مصدقا لما بين يديه) من الكتب. وقيل: إنما قال في القرآن: " نزل " بالتشديد، وفي التوراة والإنجيل: أنزل، لأن كل واحد منهما أنزل في مرة واحدة، وأنزل القرآن في مرات كثيرة. فأما التوراة. فذكر ابن قتيبة عن الفراء أنه يجعلها من: وري الزند يري: إذا خرجت ناره، وأوريته يريد أنها ضياء. قال ابن قتيبة:
وفيه لغة أخرى: ورى يري، ويقال: وريت بك زنادي. والإنجيل، من نجلت الشئ: إذا أخرجته، وولد الرجل: نجله، كأنه هو استخرجه، يقال: قبح الله ناجليه، أي: والديه، وقيل للماء يظهر من البئر: نجل، يقال: قد استنجل الوادي: وإنجيل: إفعيل من ذلك، كأن الله أظهر به عافيا من الحق دارسا. قال شيخنا أبو منصور اللغوي: والإنجيل: أعجمي معرب، قال: وقال بعضهم: إن كان عربيا، فاشتقاقه من النجل، وهو ظهور الماء على وجه الأرض، واتساعه، ونجلت الشئ: إذا استخرجته وأظهرته، فالإنجيل مستخرج به علوم وحكم وقيل: هو إفعيل من النجل وهو الأصل:
فالإنجيل أصل لعلوم وحكم وفي الفرقان هاهنا قولان:
أحدهما: أنه القرآن، قاله قتادة، والجمهور. قال أبو عبيدة: سمي القرآن فرقانا، لأنه فرق بين الحق والباطل، والمؤمن والكافر.
والثاني: أنه الفصل بين الحق والباطل في أمر عيسى حين اختلفوا فيه قاله أبو سليمان الدمشقي. وقال السدي: في الآية تقديم وتأخير، تقديره: وأنزل التوراة، والإنجيل، والفرقان، فيه هدى للناس.
إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام (4) قوله [تعالى]: (إن الذين كفروا بآيات الله) قال ابن عباس: يريد وفد نجران النصارى، كفروا بالقرآن، وبمحمد، والانتقام: المبالغة في العقوبة.
إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء (5) هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم (6)