والركبان جمع راكب، وهذا يدل على تأكيد أمر الصلاة، لأنه أمر بفعلها على كل حال. وقيل: إن هذه الآية أنزلت بعد التي في سورة النساء، لأن الله تعالى وصف لهم صلاة الخوف في قوله:
(وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) ثم أنزل هذه الآية (فإن خفتم) أي: خوفا أشد من ذلك، فصلوا عند المسايفة كيف قدرتم. فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية، وبين ما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلى يوم الخندق الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بعد ما غاب الشفق؟
فالجواب: أن أبا سعيد روى أن ذلك كان قبل نزول قوله [تعالى]: (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) قال أبو بكر الأثرم: فقد بين الله أن ذلك الفعل الذي كان يوم الخندق منسوخ.
قوله [تعالى]: (فإذا أمنتم فاذكروا الله) في هذا الذكر قولان:
أحدهما: أنه الصلاة، فتقديره: فصلوا كما كنتم تصلون آمنين.
والثاني: أنه الثناء على الله، والحمد له.
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم (240) قوله [تعالى]: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) روى ابن حيان أن هذه الآية نزلت في رجل من أهل الطائف، يقال له: حكيم بن الحارث هاجر إلى المدينة، ومعه أبواه وامرأته، وله أولاد، فمات فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فنزلت هذه الآية فأعطى النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] أبويه وأولاده من ميراثه، ولم يعط امرأته شيئا، غير أنه أمرهم أن ينفقوا عليها من تركة زوجها حولا.
قوله [تعالى]: (وصية لأزواجهم) قرأ أبو عمرو، وحمزة، وابن عامر " وصية " بالنصب، وقرأ ابن كثير، ونافع، والكسائي " وصية " بالرفع. وعن عاصم كالقراءتين: قال أبو علي: من نصب حمله على الفعل، أي: ليوصوا وصية، ومن رفع، فمن وجهين:
أحدهما: أن يجعل الوصية مبتدأ، والخبر لأزواجهم.
والثاني: أن يضمر له خبرا، تقديره: فعليهم وصية. والمراد من قارب الوفاة، فليوص، لأن المتوفى لا يؤمر ولا ينهى.
قوله [تعالى]: (متاعا إلى الحول) أي: متعوهن إلى الحول، ولا تخرجوهن. والمراد بذلك نفقة السنة وكسوتها (فإن خرجن) أي: من قبل أنفسهن (فلا جناح عليكم) يعني: أولياء الميت.