قوله [تعالى]: (لما بين يديها وما خلفها) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لما بين يديها من القرى وما خلفها رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: لما بين يديها من الذنوب، وما خلفها: ما عملوا بعدها، رواه عطية عن ابن عباس.
والثالث: لما بين يديها من السنين التي عملوا فيها بالمعاصي، وما خلفها: ما كان بعدهم في بني إسرائيل لئلا يعملوا بمثل أعمالهم، قاله عطية.
وفي المتقين قولان:
أحدهما: أنه عام في كل متق إلى يوم القيامة، قاله ابن عباس.
والثاني: أن المراد بهم أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قاله السدي عن أشياخه، وذكره عطية وسفيان.
وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين (67) قوله تعالى: (وإذا قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة).
ذكر السبب في أمرهم بذبح البقرة روى ابن سيرين عن عبيدة قال: كان في بني إسرائيل رجل عقيم لا يولد له، وله مال كثير، وكان ابن أخيه وارثه، فقتله واحتمله ليلا، فأتى به حيا آخرين، فوضعه على باب رجل منهم، ثم أصبح يدعيه حتى تسلحوا، وركب بعضهم إلى بعض، فأتوا موسى فذكروا له ذلك، فأمرهم بذبح البقرة.
وروى السدي عن أشياخه أن رجلا من بني إسرائيل كانت له بنت وابن أخ فقير، فخطب إليه ابنته، فأبى، فغضب وقال: والله لأقتلن عمي، ولآخذن ماله ولأنكحن ابنته، ولآكلن ديته، فأتاه فقال: قد قدم تجار في بعض أسباط بني إسرائيل، فانطلق معي فخذ لي من تجارتهم لعلي أصيب فيها، فخرج معه، فلما بلغا ذلك السبط، قتله الفتى، ثم رجع، فلما أصبح، جاء كأنه يطلب عمه ولا يدري أين هو، فإذا بذلك السبط قد اجتمعوا عليه، فأمسكهم وقال: قتلتم عمي، وجعل يبكي وينادي: وا عماه. قال أبو العالية: والذي سأل موسى أن يسأل الله البيان: القاتل وقال غيره: بل القوم اجتمعوا فسألوا موسى، فلما أمرهم بذبح بقرة، قالوا: أتتخذنا هزوا؟ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي: هزؤا بضم الهاء والزاي والهمزة، وقرأ حمزة، وإسماعيل، وخلف في اختياره، والفراء عن عبد الوارث، والمفضل: هزئا باسكان الزاي. ورواه حفص بالضم من غير همزة، وحكى أبو علي الفارسي؟ ن كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم، فمن العرب من يثقله، ومنهم من يخففه، نحو العسر واليسر.