ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون (56) الدليل على أنهم ماتوا، قوله [تعالى]: (ثم بعثناكم) هذا قول الأكثرين. وزعم قوم أنهم لم يموتوا، واحتجوا بقوله [تعالى]: (وخر موسى صعقا) وهذا قول ضعيف، لأن الله تعالى فرق بين الموضعين، فقال هناك: (فلما أفاق) وقال هاهنا: (ثم بعثناكم) والإفاقة للمغشي عليه، والبعث للميت.
قوله [تعالى]: (وأنتم تنظرون) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناه: ينظر بعضكم إلى بعض كيف يقع ميتا.
والثاني: ينظر بعضكم إلى إحياء بعض.
والثالث: تنظرون العذاب كيف ينزل بكم، وهو قول من قال: نزلت نار فأحرقتهم.
وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (57) قوله [تعالى]: (وظللنا عليكم الغمام).
(الغمام): السحاب، سمي غماما، لأنه يغم السماء، أي: يسترها، وكل شئ غطيته فقد غممته، وهذا كان في التيه. وفي المن ثمانية أقوال:
أحدها: أنه الذي يقع على الشجر فيأكله الناس، قاله ابن عباس والشعبي والضحاك.
والثاني: أنه الترنجبين، روي عن ابن عباس أيضا، وهو قول مقاتل.
والثالث: أنه صمغه، قاله مجاهد.
والرابع: أنه يشبه الرب الغليظ، قاله عكرمة.
والخامس: أنه شراب، قاله أبو العالية، والربيع بن أنس.
والسادس: أنه خبز الرقاق مثل الذرة، أو مثل النقي، قاله وهب.
والسابع: أنه عسل، قاله ابن زيد.
والثامن: أنه الزنجبيل، قاله السدي.
وفي السلوى قولان:
أحدهما: أنه طائر، قال بعضهم: يشبه السماني، وقال بعضهم: هو السماني.
والثاني: أنه العسل ذكره ابن الأنباري، وأنشد: