والثاني: أنها نزلت في العرب الذي آمنوا بالنبي وما أنزل من قبله. رواه أبو صالح عن ابن عباس، قال المفسرون: الذي أنزل اليه، القرآن. وقال شيخنا علي بين عبيد الله: القرآن وغيره مما أوحي إليه.
قوله [تعالى]: (وما أنزل من قبلك) يعني الكتب المتقدمة والوحي، فأما (الآخرة) فهي اسم لما بعد الدنيا، وسميت آخرة، لأن الدنيا قد تقدمتها. وقيل: سميت آخرة لأنها نهاية الأمر.
قوله [تعالى]: (يوقنون) اليقين: ما حصلت به الثقة، وثلج به الصدر، وهو أبلغ علم مكتسب.
أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (5) قوله [تعالى]: (أولئك على هدى) أي: على رشاد. وقال ابن عباس: على نور واستقامة. قال ابن قتيبة: (المفلحون): الفائزون ببقاء الأبد. وأصل الفلاح: البقاء. ويشهد لهذا قول لبيد:
نحل بلادا كلها حل قبلنا * ونرجوا الفلاح بعد عاد وحمير يريد: البقاء، وقال الزجاج: المفلح: الفائز بما فيه غاية صلاح حاله. قال ابن الأنباري:
ومنه: حي على الفلاح، معناه: هلموا إلى سبيل الفوز ودخول الجنة.
إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (6) قوله [تعالى]: (إن الذين كفروا) في نزولها أربعة أقوال:
أحدها: أنها نزلت في قادة الأحزاب، قاله أبو العالية.
والثاني: أنها نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته، قاله الضحاك.
الثالث: أنها نزلت في طائفة من اليهود، ومنهم حيي بن أخطب، قاله ابن السائب.
والرابع: أنها نزلت في مشركي العرب، كأبي جهل وأبي طالب وأبي لهب وغيرهم ممن لم يسلم قال مقاتل.
فأما تفسيرها، فالكفر في اللغة: التغطية. تقول: كفرت الشئ إذا غطيته، فسمي الكافر كافرا، لأنه يغطي الحق.
قوله [تعالى]: (سواء عليهم) أي: متعادل ثم عندهم الانذار وتركه، والانذار: إعلام مع تخويف، وتناذر بنو فلان هذا الأمر: إذا خوفه بعضهم بعضا.