والأقربون). والعلماء متفقون على نسخ الوصية للوالدين والأقربين الذين يرثون وهم مختلفون في الأقربين الذين لا يرثون: هل تجب الوصية لهم؟ على قولين، أصحهما أنها لا تجب لأحد.
فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم (181) قوله [تعالى]: (فمن بدله) قال الزجاج: من بدل أمر الوصية بعد سماعه إياها، فإنما إثمه على مبدله، لا على الموصي، ولا على الموصى له (إن الله سميع) لما قد قاله الموصي (عليم بما يفعله الموصى إليه.
فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم (182) قوله [تعالى]: (فمن خاف من موص). [قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص عن عاصم (موص) ساكنة الواو، وقرأ حمزة، الواو، وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم " موص " مفتوحة الواو مشددة الصاد] وفي المراد بالخوف هاهنا قولان:
أحدهما: أنه العلم.
والثاني: نفس الخوف. فعلى الأول، يكون الجور قد وجد. وعلى الثاني: يخشى وجوده.
و " الجنف ": الميل عن الحق. قال الزجاج: جنفا، أي: ميلا، أو إثما، أي قصد الإثم. وقال ابن عباس: الجنف: الخطأ، والإثم: التعمد، إلا أن المفسرين عقلوا الجنف على المخطئ، والإثم على العامد.
وفي توجيه هذه الآية قولان:
أحدهما: أن معناه: من حضر رجلا يموت، فأسرف في وصيته، أو قصر عن حق، فليأمره بالعدل، هذا قول مجاهد.
والثاني: أن معناه: من أوصى بجور، فرد وليه وصيته، أو ردها إمام من أئمة المسلمين إلى كتاب الله وسنة نبيه، فلا إثم عليه، وهذا قول قتادة:
قوله [تعالى]: (فأصلح بينهم) أي: بين الذين أوصى لهم، ولم يجر لهم ذكر، غير أنه لما ذكر الموصي أفاد مفهوم الخطاب أن هناك موصى له، وأنشر الفراء:
وما أدري إذا يممت أرضا * أريد الخير أيهما يليني؟!
أألخير الذي أنا أبتغيه * أم الشر الذي هو يبتغيني