أحدها: أن الحق: إقرارهم ببعض أمر النبي صلى الله عليه وسلم، والباطل: كتمانهم بعض أمره.
والثاني: الحق: إيمانهم بالنبي [صلى الله عليه وسلم] غدوة، والباطل: كفرهم به عشية، رويا عن ابن عباس.
والثالث: الحق التوراة، والباطل: ما كتبوه فيها بأيديهم، قاله الحسن، وابن زيد.
والرابع: الحق: الإسلام. والباطل: اليهودية والنصرانية، قاله قتادة.
قوله [تعالى]: (وتكتمون الحق) قال قتادة: كتموا الإسلام، وكتموا محمدا صلى الله عليه وسلم.
وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون (72) قوله [تعالى]: (وقالت طائفة من أهل الكتاب) في سبب نزلوها قولان:
أحدهما: أن طائفة من اليهود قالوا: إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار، فآمنوا، وإذا كان آخره، فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون: هؤلاء أهل الكتاب، وهم أعلم منا، فينقلبون عن دينهم، رواه عطية عن ابن عباس. وقال الحسن والسدي: تواطأ اثنا عشر حبرا من اليهود، فقال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمد باللسان أول النهار، واكفروا آخره، وقولوا: إنا نظرنا في كتبنا، وشاورنا علماءنا، فوجدنا محمد ليس بذلك، فيشك أصحابه في دينهم، ويقولون: هم أهل الكتاب، وهم أعلم منا، فيرجعون إلى دينكم، فنزلت هذه الآية. وإلى هذا المعنى ذهب الجمهور.
والثاني: أن الله تعالى صرف نبيه إلى الكعبة عند صلاة الظهر، فقال قوم من علماء اليهود:
(آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار) يقولون: آمنوا بالقبلة التي صلوا إليها الصبح، واكفروا بالتي صلوا إليها آخر النهار، لعلهم يرجعون إلى قبلتكم، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
قال مجاهد وقتادة، والزجاج في آخرين: وجه النهار: أوله.
وأنشد الزجاج:
من كان مسرورا بمقتل مالك * فليأت نسوتنا بوجه نهار