كانوا يتخوفون من هذه الآية. وقال قتادة: هذه الآية نعت المنافق، يعرف بلسانه، وينكر بقلبه، ويصدق بلسانه، ويخالف بعمله، ويصبح على حالة ويمسي على غيرها، ويتكفأ تكفؤ السفينة، كلما هبت ريح هب معها.
يخدعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون (9) قوله [تعالى]: (يخادعون الله).
قال ابن عباس: كان عبد الله بن أبي، ومعتب بن قشير، والجد بن القيس، إذا لقوا الذين آمنوا قالوا: آمنا، ونشهد أن صاحبكم صادق، فإذا خلوا لم يكونوا كذلك، فنزلت هذه الآية.
فأما التفسير، فالخديعة: الحيلة والمكر، وسميت خديعة، لأنها تكون في خفاء.
والمخدع: بيت داخل البيت تختفي فيه المرأة، ورجل خادع: إذا فعل الخديعة، سواء حصل مقصوده أو لم يحصل، فإذا حصل مقصوده، قيل: قد خدع. وانخدع الرجل: استجاب للخادع، حدثنا سواء تعمد الاستجابة أو لم يقصدها، والعرب تسمي الدهر خداعا، لتلونه بما يخفيه من خير وشر.
وفي معنى خداعهم الله خمسة أقوال:
أحدها: أنهم كانوا يخادعون المؤمنين، فكأنهم خادعوا الله. روي عن ابن عباس، واختاره ابن قتيبة.
والثاني: أنهم كانوا يخادعون نبي الله، فأقام الله نبيه مقامه، كما قال: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) قاله الزجاج.
والثالث: أن الخادع عند العرب: الفاسد. وأنشدوا:
طيب اللون إذا الريق خدع أي: فسد. رواه محمد بن القاسم عن ثعلب عن ابن الأعرابي. قال ابن القاسم: فتأويل:
يخادعون الله: يفسدون ما يظهرون من الايمان بما يضمرون من الكفر.
والرابع: أنهم كانوا يفعلون في دين الله ما لو فعلوه بينهم كان خداعا.
والخامس: أنهم كانوا يخفون كفرهم، ويظهرون الإيمان به.
قوله [تعالى]: (وما يخدعون إلا أنفسهم) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: (وما يخادعون) وقرأ الكوفيون، وابن عامر: (يخدعون) * والمعنى: أن وبال ذلك الخداع عائد عليهم.
ومتى يعود وبال خداعهم عليهم؟ فيه قولان: