منهم لام " جدال " إلا أبو جعفر. قال أبو علي: حجة من فتح أنه أشد مطابقة للمعنى المقصود، لأنه بالفتح قد نفى جميع الرفث والفسوق، كقوله: (لا ريب فيه) فإذا رفع ونون، كان النفي لواحد منه وإنما فتحوا لام الجدال، ليتناول النفي جميع جنسه، فكذلك ينبغي أن يكون جمع الاسمين قبله. وحجة من رفع أنه قد علم من فحوى الكلام نفي جميع الرفث، وقد يكون اللفظ واحدا، والمراد بالمعنى الجميع، قال الشاعر:
فقتلا بتقتيل وضربا بضربكم وفي الرفث ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الجماع، قاله ابن عمر، والحسن، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة في آخرين.
والثاني: أنه الجماع، وما دونه من التعريض به، وهو مروي عن ابن عمر أيضا، وابن عباس، وعمرو بن دينار في آخرين.
والثالث: أنه اللغو من الكلام، قاله أبو عبد الرحمن اليزيدي.
وفي الفسوق ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه السباب، قاله ابن عمر، وابن عباس، وإبراهيم في آخرين.
والثاني: أنه التنابز بالألقاب، مثل أن تقول لأخيك: يا فاسق، يا ظالم، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثالث: أنه المعاصي، قاله الحسن، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، وقتادة في آخرين، وهو الذي نختاره، لأن المعاصي تشمل الكل، ولأن الفاسق: الخارج من الطاعة إلى المعصية.
قوله [تعالى]: (ولا جدال في الحج) الجدال: المراء. في معنى الكلام قولان:
أحدهما: أن معناه: لا يمارين أحد أحدا، فيخرجه المراء إلى الغضب، وفعل مالا يليق بالحج، وإلى هذا المعنى ذهب ابن عمر، وابن عباس وطاوس، وعطاء، وعكرمة، والنخعي، وقتادة، والزهري، والضحاك في آخرين.
والثاني: أن معناه: لا شك في الحج ولا مراء، فإنه قد استقام أمره وعرف وقته وزال النسئ عنه، قال مجاهد: كان يحجون في ذي الحجة عامين، وفي المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، وكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين حتى وافقت حجة أبي بكر الآخر من العامين في ذي القعدة قبل حجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسنة، ثم حج النبي من قابل في ذي الحجة، فذلك حين قال: