إشفاقا (فأصابها) يعني: الجنة (إعصار) وهي ريح شديدة، تهب بشدة، فترفع إلى السماء ترابا، كأنه عمود.
قال الشاعر:
إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا أي: لاقيت أشد منك. فإن قيل: كيف جاز في الكلام أن يكون له جنة فأصابها، ولم يقل:
فيصيبها؟ أفيجوز أن يقال: أيود أن يصيب مالا، فضاع، والمراد: فيضيع؟ فالجواب: أن ذلك جائز في " وددت " لأن العرب تلقاها مرة ب " أن " ومرة ب " لو "، فيقولون: وددت لو ذهبت عنا، وددت أن تذهب عنا، قاله الفراء، وثعلب.
فصل وهذا الآية مثل ضربه الله تعالى في الحسرة بسلب النعمة عند شدة الحاجة. وفيمن قصد به ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه مثل الذي يختم له بالفساد في آخر عمره، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه مثل للمفرط في طاعة الله [تعالى] حتى يموت، قاله مجاهد.
والثالث: أنه مثل للمرائي في النفقة، ينقطع عنه نفعها أحوج ما يكون إليه، قاله السدي.
يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد (267) قوله [تعالى]: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن الأنصار كانوا إذا جذوا النخل، جاء كل رجل بشئ من ذلك فعلقه في المسجد، فيأكل منه فقراء المهاجرين، وكان أناس ممن لا يرغب في الخير يجئ أحدهم بالقنو فيه الحشف والشيص، فيعلقه، فنزلت هذه الآية: هذا قول البراء بن عازب.