وأراحني الله منك.
والثاني: أن يخبر بإحسانه إلى الفقير، من يكره الفقير اطلاعه على ذلك، وكلا القولين يؤذي الفقير وليس من صفة المخلصين في الصدقة. ولقد حدثنا عن حسان بن أبي سنان أنه كان يشتري أهل بيت الرجل وعياله، ثم يعتقهم جميعا، ولا يتعرف إليهم، ولا يخبرهم من هو.
قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم (263) قوله تعالى: (قول معروف) أي: قول جميل، مثل أن يقول له: يوسع الله عليك (ومغفرة) أي: يستر على المسلم خلته وفاقته، وقيل: أراد بالمغفرة التجاوز عن السائل إن استطال على المسؤول وقت رده (خير من صدقة يتبعها أذى) وقد سبق بيانه.
يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شئ مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين (264) قوله [تعالى]: (لا تبطلوا صدقاتكم) أي: لا تبطلوا ثوابها، كما تبطل ثواب صدقة المرائي الذي لا يؤمن بالله، وهو المنافق (فمثله) أي: مثل نفقته، كمثل صفوان، قال ابن قتيبة: الصفوان الحجر، والوابل: أشد المطر، والصلد: الأملس. وقال الزجاج: الصفوان: الحجر الأملس، وكذلك الصفا، وقال ثعلب: الصلد: النقي. وروي عن ابن عباس، وقتادة (فتركه صلدا) قالا:
ليس عليه شئ وهذا مثل ضربه الله تعالى للمرائي بنفقته، لا يقدر يوم القيامة على ثواب شئ مما أنفق.
ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتا من أنفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير (265) قوله [تعالى]: (ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله) أي: طلبا لرضاه. وفي معنى التثبيت قولان:
أحدهما: أنه الإنفاق على يقين وتصديق، وهذا قول الشعبي، وقتادة، والسدي في، في آخرين: