وستون صنما، وكان لكل حي من العرب صنم أو صنمان، فلما نزلت هذا الآية، خرت الأصنام سجدا. وفي معنى (شهد الله) قولان:
أحدهما: أنه بمعنى قضى وحكم، قاله مجاهد، والفراء، وأبو عبيدة.
والثاني: بمعنى بين، قاله ثعلب والزجاج، قال ابن كيسان: شهد الله بتدبيره العجيب، وأموره المحكمة عند خلقه، أنه لا إله إلا هو. وسئل بعض الأعراب: ما الدليل على وجود الصانع؟ فقال:
إن البعرة تدل على البعير، وآثار القدم تدل على المسير، فهيكل علوي بهذه اللطافة، ومركز سفلي بهذه الكثافة، أما يدلان على الصانع الخبير؟! وقرأ ابن مسعود، وأبي بن كعب، وعاصم الجحدري (شهداء الله) بضم " الشين " وفتح " الهاء والدال " وبهمزة مرفوعة بعد المد، وخفض " الهاء " من اسم الله تعالى (قائما بالقسط) أي: بالعدل. قال جعفر الصادق: وإنما كرر (لا إله إلا هو) لأن الأولى وصف وتوحيد، والثانية رسم وتعليم، أي: قولوا: لا إله إلا هو.
إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب (19) قوله [تعالى]: (إن الدين عند الله الإسلام) الجمهور على كسر " إن " إلا الكسائي، فإنه فتح " الألف "، وهي قراءة ابن مسعود، وابن عباس، وأبي رزين، وأبي العالية، وقتادة. قال أبو سليمان الدمشقي: لما ادعت اليهود أنه لا دين أفضل من اليهودية، وادعت النصارى أنه لا دين أفضل من النصرانية، نزلت هذه الآية. قال الزجاج: الدين: اسم لجميع ما تعبد الله به خلقه، وأمرهم بالإقامة عليه، وأن يكون عادتهم، وبه يجزيهم. وقال شيخنا علي بن عبيد الله: الدين: ما التزمه العبد الله عز وجل. قال ابن قتيبة: والإسلام الدخول في السلم، أي: في الانقياد والمتابعة، ومثله الاستسلام، يقال: سلم فلان لأمرك، واستسلم، وأسلم، كما تقول: أشتى الرجل، أي: دخل في الشتاء، وأربع: دخل في الربيع. وفي الذين أوتوا الكتاب ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم اليهود، قاله الربيع.
والثاني: انهم النصارى، قاله محمد بن جعفر بن الزبير.
والثالث: انهم اليهود، والنصارى، قاله ابن السائب. وقيل: الكتاب هاهنا: اسم جنس بمعنى الكتب. وفي الذين اختلفوا فيه أربعة أقوال:
أحدها: دينهم.