لما كانت المباشرة قد تقع على ما دون الجماع، أباحهم الجماع الذي يكون من مثله الولد، فقال:
(وابتغوا ما كتب الله لكم) يريد: الولد.
والثاني: أن الذي كتب لهم الرخصة، وهو قول قتادة، وابن زيد.
والثالث: أنه ليلة القدر. رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس.
والرابع: أنه القرآن، فمعنى الكلام: اتبعوا القرآن، فما أبيح لكم وأمرتم به فهو المبتغى، وهذا اختيار الزجاج.
قوله [تعالى]: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض) قال عدي بن حاتم: لما نزلت هذه الآية، عمدت إلى عقالين، أبيض وأسود، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أقوم في الليل ولا أستبين الأسود من الأبيض، فلما أصبحت، غدوت على رسول الله فأخبرته، فضحك وقال: " إن كان وسادك إذا لعريض إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل " وقال سهل بن سعد:
نزلت هذه الآية: (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) ولم ينزل: (من الفجر) فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له زيهما، فأنزل الله بعد ذلك (من الفجر) فعلموا أنما يعني بذلك الليل والنهار.
فصل إذا شك في الفجر، فهل يدع السحور أم لا؟ فظاهر كلام أحمد يدل على أنه لا يدع السحور، بل يأكل حتى يستيقن طلوع الفجر. وقال مالك: أكره له أن يأكل إذا شك في طلوع الفجر، فإن أكل فعليه القضاء. وقال الشافعي: لا شئ عليه.
قوله [تعالى]: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) في هذه المباشرة قولان:
أحدهما: أنها المجامعة، وهو قول الأكثرين.
والثاني: أنها ما دون الجماع من اللمس والقبلة قاله ابن زيد. وقال قتادة: كان الرجل