أراد: مثل نفقة الذين ينفقون ونحو هذا قوله [تعالى]: (ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم) يريد: بخل الباخلين فحذف البخل. وفي المراد ب " سبيل الله " قولان:
أحدهما: أنه الجهاد.
والثاني: أنه جميع أبواب البر. قال أبو سليمان الدمشقي. والآية مردودة على قوله [تعالى]:
(يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) وقد أعلم الله عز وجل بضرب هذا المثل، أن الحسنة في النفقة في سبيله تضاعف بسبعمائة ضعف. قال ابن زيد: (والله يضاعف لمن يشاء) أي: يزيد على السبعمائة.
الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (262) قوله [تعالى]: (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله) قال ابن السائب ومقاتل: نزلت في عثمان بن عفان في نفقته في غزوة تبوك، وشرائه بئر رومة، ركية بالمدينة، تصدق بها على المسلمين. وفي عبد الرحمن بن عوف حين تصدق بأربعة آلاف درهم، وكانت نف ماله. وأما المن ففيه قولان:
أحدهما: أنه المن على الفقير، ومثل أن يقول: قد أحسنت إليك ونعشتك، وهو قول الجمهور.
والثاني: أنه المن على الله بالصدقة، روي عن ابن عباس، فإن قيل: كيف مدحهم بترك المن. ووصف نفسه بالمنان؟ فالجواب: يقال: من فلان على فلان: إذا أنعم عليه، فهذا الممدوح، قال الشاعر:
فمني علينا بالسلام فإنما * كلامك ياقوت ودر منظم أراد بالمن الإنعام. وأما الوجه المذموم، فهو أن يقال: من فلان على فلان: إذا استعظم ما أعطاه، وافتخر بذلك قال الشاعر في ذلك:
أنلت قليلا ثم أسرعت منة * فنيلك عن ممنون كذاك قليل ذكر ذلك أبو بكر الأنباري. وفي الأذى قولان:
أحدهما: أنه مواجهة الفقير بما يؤذيه، مثل أن يقول له: أنت أبدا فقير، وقد بليت بك،