والخامس: يمين عقدها مباح، والمقام عليها مباح، وحلها مباح مثل أن يحلف: لا دخلت بلدا فيه من يظلم الناس، ولا سلكت طريقا مخوفا، ونحو ذلك.
للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم (226) قوله تعالى: (للذين يؤلون من نسائهم) قال ابن عباس: كان أهل الجاهلية إذا طلب الرجل من امرأته شيئا، فأبت أن تعطيه، حلف أن لا يقربها السنة، والسنتين، والثلاث، فيدعها لا أيما، ولا ذات بعل، فلما كان الإسلام، جعل الله ذلك أربعة أشهر، وأنزل الله هذه الآية.
وقال سعيد بن المسيب: كان الإيلاء ضرار أهل الجاهلية، وكان الرجل لا يريد المرأة * ولا يحب ان يتزوجها غيره، فيحلف أن لا يقربها أبدا، فجعل الله تعالى الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر، وأنزل هذه الآية. قال ابن قتيبة: يؤلون، أي: يحلفون. يقال آليت من امرأتي، أولي إيلاء: إذا حلف لا يجامعها. والاسم: الألية. وقال الزجاج: يقال من الإيلاء: آليت اولي إيلاء وألية وألوة وألوة وإلوة، وهي بالكسر أقل اللغات، قال كثير:
قيل الألايا حافظ ليمينه * وإن بدرت منه الألية برت وحكي ابن الأنباري عن بعض اللغويين أنه قال: " من " بمعنى: " في " أو: " على " والتقدير:
على وطء نسائهم، فحذف الوطء، وأقام النساء مقامه، كقوله [تعالى]: (ما وعدتنا على رسلك) أي: على ألسنة رسلك. وقيل: في الكلام حذف، تقديره: يؤلون، يعتزلون من نسائهم. والتربص:
الانتظار. ولا يكون مؤليا إلا إذا حلف بالله لا يصيب زوجته أكثر من أربعة أشهر، فإن حلف على أربعة أشهر فما دون، لم يكن مؤليا. وهذا قول مالك، وأحمد، والشافعي. وفاؤوا: رجعوا، ومعنا رجعوا إلى الجماع، قاله علي، وابن عباس وابن جبير، ومسروق، والشعبي، وإذا كان للمؤلي عذر لا يقدر معه على الجماع، فإنه يقول: متى قدرت جامعتها، فيكون ذلك من قوله فيئة، فمتى قدر فلم يفعل، أمر بالطلاق، فإن لم يطلق، طلق الحاكم عليه.
قوله [تعالى]: (فإن الله غفور رحيم) قال علي، وابن عباس: غفور لإثم اليمين.
وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم (237) قوله [تعالى]: (وإن عزموا الطلاق) أي: حققوه. وفي عزم الطلاق قولان:
أحدهما: أنه إذا مضت الأربعة الأشهر استحق عليه أن يفي، أو يطلق، وهو مروي عن عمر،