والرابع: أنهم الجن والإنس وكل دابة، قاله عطاء.
فصل وهذه الآية توجب إظهار علوم الدين، منصوصة كانت أو مستنبطة، وتدل على امتناع جواز أخذ الأجرة على ذلك، إذ غير جائز استحقاق الأجر على ما يجب فعله، وقد روى الأعرج عن أبي هريرة أنه قال: إنكم تقولون: أكثر أبو هريرة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والله الموعد، وأيم الله: لولا آية في كتاب الله ما حدثت أحدا بشئ أبدا، ثم تلا (إن الذين يكتمون ما أنزلنا).. إلى آخرها.
إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم (160) قوله [تعالى]: (إلا الذين تابوا).
قال ابن مسعود: إلا الذين تابوا من اليهود وأصلحوا أعمالهم، وبينوا صفة رسول الله في كتابهم.
فصل وقد ذهب قوم إلى أن الآية التي قبل هذه منسوخة بالاستثناء في هذه، وهذا ليس بنسخ، لأن الاستثناء إخراج بعض ما شمله اللفظ، وذلك يقتضي التخصيص دون النسخ، ومما يحقق هذا أن الناسخ والمنسوخ لا يمكن العمل بأحدهما إلا بترك العمل بالآخر، وهاهنا يمكن العمل بالمستثنى والمستثنى منه.
إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (161) قوله [تعالى]: (إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار).
إنما شرط الموت على الكفر، لأن حكمه يستقر بالموت عليه، فإن قيل: كيف قال: (والناس أجمعين) وأهل دينه لا يلعنونه، فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنهم يلعنونه في الآخرة. قال الله عز وجل: (ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) وقال: (كلما دخلت أمة لعنت أختها).
والثاني: أن المراد بالناس هاهنا المؤمنون، قاله ابن مسعود، وقتادة، ومقاتل. فيكون على