إخوانكم. قال ابن عباس: والمخالطة: أن يشرب من لبنك، وتشرب من لبنه، ويأكل في قصعتك، وتأكل في قصعته. (والله يعلم المفسد من المصلح) يريد: المتعمد أكل مال اليتيم، من المتحرج الذي لا يألو الإصلاح: (ولو شاء الله لأعنتكم) قال ابن عباس: أي لأحرجكم، ولضيق عليكم. وقال ابن الأنباري: أصل العنت: التشديد. تقول العرب: فلان يتعنت فلانا ويعنته، أي:
يشدد عليه، ويلزمه المشاق واشتقاق الحرف، من قول العرب: أكمة عنوت: إذا كانت شديدة، فجعلت هذه اللفظة مستعملة في كل شدة.
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة باذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون (221) قوله [تعالى]: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أن رجلا يقال له: مرثد بن أبي مرثد بعثه النبي: [صلى الله عليه وآله وسلم] إلى مكة ليخرج ناسا من المسلمين بها أسرى، فلما قدمها سمعت به امرأة يقال لها: عناق، وكانت خليلة له في الجاهلية، فلما أسلم أعرض عنها، فأتته فقالت: ويحك يا مرثد: ألا تخلو؟ فقال: إن الإسلام قد حال بيني وبينك، ولكن إن شئت تزوجتك، إذا رجعت إلى رسول الله، [صلى الله عليه وآله وسلم]، إستأذنته في ذلك، فقالت:
أبي يتبرم؟! واستغاثت عليه، فضربوه ضربا شديدا، ثم خلوا سبيله، فلما رجع إلى النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، فسأله:
أتحل لي أن أتزوجها؟ فنزلت هذه الآية. هذا قول ابن عباس. وذكر مقاتل بن سليمان أنه أبو مرثد الغنوي.
والثاني: أن عبد الله بن رواحة كانت له أمة سوداء، وأنه غضب عليها فلطمها، ثم فزع، فأتى النبي، [صلى الله عليه وآله وسلم]: فأخبره خبرها، وقال: يا رسول الله: هي تصوم وتصلي وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. فقال: " يا عبد الله: هذه مؤمنة ". فقال: والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل، فعابه ناس من المسلمين، وقالوا: أنكح أمة، وكانوا يرغبون في نكاح المشركات رغبة في أحسابهن، فنزلت هذه الآية. رواه السدي عن أشياخه. وقد ذكر بعض