بسم الله الرحمن الرحيم الإمام ابن الجوزي نسبه: هو أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن حمادي ابن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي بن عبد الله بن القاسم بن النضر بن القاسم بن محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، القرشي التيمي البكري البغدادي الفقيه الحنبلي الواعظ.
فهو عربي قرشي تيمي يتصل نسبه بالصديق رضي الله عنه، ولقد دعي بابن الجوزي لان أحد جدوده وهو جعفر كان يدعى بالجوزي نسبة إلى مشرعة الجوز، وهي فرضة نهر البصرة، وقيل بل نسبة إلى جوزة كانت في داره بواسطة لم يكن بواسط جوزة غيرها، وقيل: نسبة إلى مشرعة الجوز، إحدى محال بغداد الغربي، وتوارث أبناؤه هذا النسب.
مولده: ولد ابن الجوزي سنة ثمان وخمسمائة، وقيل سنة عشر وخمسمائة للهجرة على وجه التقريب. وقد قال ابن النجار في تاريخ بغداد: كان أبو الفرج ابن الجوزي يقول: لا أتحقق مولدي، غير أن والدي مات سنة أربع عشرة، وقالت الوالدة: كان لك من العمر نحو ثلاث سنين.
حياته: لم يشتغل أهل ابن الجوزي بالعلم بل كانوا يتعاطون البيع والشراء والتجارة، وأما أبوه فكان يعمل الصفر بنهر القلايين، ولقد ذكر أبو الفرج ذلك في كتابه " لفتة الكبد " فقال: واعلم يا بني أننا من أولاد أبي بكر الصديق، ثم تشاغل سلفنا بالتجارة والبيع والشراء، فما كان من رزق همة في طلب العلم غيري. وتوفي أبوه وهو صغير السن، وكان موسرا، خلف أموالا طائلة، ولكنهم أجحفوا عليه وهضموه حقه من ارث أبيه، فلم يعطوه سوى دارين وعشرين دينارا، فما كان منه إلا أن اشترى بذلك كتبا.
أما أمه فقد أهملته وانصرفت عنه فرعته عمته حتى أدرك، فأخذته إلى مسجد أبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ، وهو خاله، وكان حافظا ضابطا متقنا من أهل السنة، فاعتنى به، وأسمعه الحديث، وحفظه القرآن.
وقد اتفق الذين ترجموا له على أنه كان في صغره منصرفا عن لعب الصبيان ومعاشرتهم، فبينما كان أترابه يقضون أوقاتهم باللعب والنزهات على شواطئ النهر كان يمضي هو في طلب العلم وسماع فنونه من شيوخه وكأنه شيخ كبير، ويقول عن نفسه:
أذكر نفسي ولي همة عالية وأنا في المكتب ابن ست سنين، وأنا قرين الصبيان الكبار، قد رزقت عقلا وافرا في الصغر يزيد على عقل الشيوخ، فما أذكر أني لعبت مع الصبيان قط، ولا ضحكت ضحكا عاليا، حتى إني ولي سبع سنين أو نحوهما أحضر رحبة الجامع، فأطلب المحدث يتحدث فأحفظ جميع ما أسمعه، وأذهب إلى البيت فأكتبه.