والثالث: إفساد ذات البين، قاله الزجاج: وفي التأويل وجهان.
أحدهما: أنه التفسير.
والثاني: العاقبة المنتظرة. والراسخ: الثابت، يقال: رسخ يرسخ رسوخا. وهل يعلم الراسخون تأويله أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: أنهم لا يعلمونه، وأنهم مستأنفون، وقد روى طاووس عن ابن عباس أنه قرأ (ويقول الراسخون في العلم آمنا به) وإلى هذا المعنى ذهب ابن مسعود، وأبي بن كعب، وابن عباس، وعروة، وقتادة، وعمر بن عبد العزيز، والفراء، وأبو عبيدة، وثعلب، وابن الأنباري، والجمهور. قال ابن الأنباري: في قراءة عبد الله (إن تأويله، إلا عند الله) وفي قراءة أبي، وابن عباس (ويقول الراسخون) وقد أنزل الله تعالى في كتابه أشياء، استأثر بعلمها، وقوله تعالى:
(وقرونا بين ذلك كثيرا) فأنزل [تعالى] المجمل، ليؤمن به المؤمن، فيسعد، ويكفر به الكافر، فيشقى.
والثاني: أنهم يعلمون، أنهم داخلون في الاستثناء. وقد روى مجاهد عن ابن عباس أنه قال:
أنا ممن يعلم تأويله، وهذا قول مجاهد، والربيع، واختاره ابن قتيبة، وأبو سليمان الدمشقي. قال ابن الأنباري: الذي روى هذا القول عن مجاهد بن أبي نجيح، ولا تصح روايته التفسير عن مجاهد.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (8) ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه أن الله لا يخلف الميعاد (9) قوله [تعالى]: (ربنا لا تزغ قلوبنا) أي يقولون: (ربنا لا تمل قلوبنا عن الهدى بعد إذ هديتنا) وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وابن يعمر، والجحدري " لا تزغ " بفتح التاء " قلوبنا " برفع الباء. ولدنك: بمعنى عندك. والوهاب: الذي يجود بالعطاء من غير استثابة، والمخلوقون لا يملكون أن يهبوا شفاء لسقيم، ولا ولدا لعقيم، والله تعالى قادر على أن يهب جميع الأشياء.
إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار (10) قوله [تعالى]: (لن تغني عنهم أموالهم) أي: لن تدفع، لأن المال يدفع عن صاحبه في