والثالث: أنه زيادة المسكين على قوته، وهو مروي عن مجاهد، وفعله أنس بن مالك لما كبر (وأن تصوموا خير لكم) عائد إلى من تقدم ذكره من الأصحاء المقيمين المخيرين بين الصوم والإطعام على ما حكينا في أول الآية عن السلف، ولم يرجع ذلك إلى المرضى والمسافرين، والحامل والمرضع، إذ الفطر في حق هؤلاء أفضل من الصوم، وقد نهوا عن تعريض أنفسهم للتلف، وهذا يقوي قول القائلين بنسخ الآية.
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هديكم ولعلكم تشكرون (185) قوله [تعالى]: (شهر رمضان).
قال الأخفش: شهر رمضان بالرفع على تفسير الأيام، كأنه لما قال: (أياما معدودات) فسرها فقال: هي شهر رمضان: قال أبو عبيد: وقرأ مجاهد: (شهر رمضان) بالنصب، وأراه نصبه على معنى الإغراء: عليكم شهر رمضان فصوموه كقوله: (ملة أبيكم) وقوله: (صبغة الله) قلت: وممن قرأ بالنصب معاوية، والحسن، وزيد بن علي، وعكرمة، ويحيى بن يعمر. قال ابن فارس:
الرمض: حر الحجارة من شدة حر الشمس، ويقال: شهر رمضان، من شدة الحر، لأنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة، سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر، ويجمع على رمضانات، وأرمضاء، وأرمضة.
قوله [تعالى]: (الذي أنزل فيه القرآن) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه أنزل القرآن فيه جملة واحدة وذلك في ليلة القدر إلى بيت العزة من السماء الدنيا. قاله ابن عباس.
والثاني: أن معناه: أنزل القرآن بفرض صيامه، روي عن مجاهد، والضحاك.