والثاني: أنه إذا ظلم كان الظلم سببا لقطع القطر، فيهلك الحرث والنسل، قاله مجاهد. وهو يخرج على قول من قال: إنه من التولي.
والثالث: أنه إهلاك ذلك بالضلال الذي يؤول إلى الهلاك، حكاه بعض المفسرين.
قوله [تعالى]: (والله لا يحب الفساد) قال ابن عباس: لا يرضى بالمعاصي. وقد احتجت المعتزلة بهذه الآية، فأجاب أصحابنا بأجوبة. منها:
الأول: أنه لا يحبه دينا، ولا يريده شرعا، فأما أنه لم يرده وجودا، فلا.
والثاني: أنه لا يحبه للمؤمنين دون الكافرين.
والثالث، أن الإرادة معنى غير المحبة، فإن الانسان قد يتناول المر، ويريد ربط الجرح، ولا يحب شيئا من ذلك. وإذا بان في المعقول الفرق بين الإرادة والمحبة، بطل ادعاؤهم التساوي بينهما، وهذا جواب معتمد. وفي معنى هذه الآية قوله [تعالى]: (ولا يرضى لعباده الكفر).
وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد (206) قوله [تعالى]: (أخذته العزة) قال ابن عباس: هي الحمية. وأنشدوا:
أخذته عزة من جهله * فتولى مغضبا فعل الضجر ومعنى الكلام: حملته الحمية على الفعل بالإثم. وفي " جهنم " قولان، ذكرهما ابن الأنباري:
أحدهما: أنها أعجمية لا تجر للتعريف والعجمة.
والثاني: أنها اسم عربي، ولم يجر للتأنيث والتعريف. قال رؤبة: ركبة جهنام: بعيدة القعر.
وقال الأعشي:
دعوت خليلي مسحلا ودعوا له * جهنام جدعا للهجين المذمم فترك صرفه يدل على أنه اسم أعجمي معرب.
وفي معنى الكلام قولان:
أحدهما: فحسبه جهنم جزاء عن إثمه.
والثاني: فحسبه جهنم ذلا من عزة. والمهاد: الفراش، ومهدت لفلان: إذا وطأت له، ومنه:
مهد الصبي.