والرابع: أن إضاءته لهم: تركهم بلا ابتلاء ولا امتحان، ومشيهم فيه: إقامتهم على المسالمة بإظهار ما يظهرونه. ذكره شيخنا.
فأما قوله [تعالى]: (وإذا أظلم عليهم) فمن قال: إضاءته: إتيانه إياهم بما يحبون قال: إظلامه: إتيانه إياهم بما يكرهون. وعلى هذا سائر الأقوال التي ذكرناها بالعكس.
ومعنى (قاموا): وقفوا.
قوله [تعالى]: (ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم) قال مقاتل: معناه: لو شاء لأذهب أسماعهم وأبصارهم عقوبة لهم. قال مجاهد: من أول البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين، وآيتان في نعت الكافرين، وثلاث عشرة في نعت المنافقين.
يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون (21) قوله [تعالى]: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم).
اختلف العلماء فيمن عنى بهذا الخطاب على أربعة أقوال:
أحدها: أنه عام في جميع الناس، وهو قول ابن عباس.
والثاني: أنه خطاب لليهود دون غيرهم، قاله الحسن ومجاهد.
والثالث: أنه خطاب للكفار من مشركي العرب وغيرهم، قاله السدي.
والرابع: أنه خطاب للمنافقين واليهود، قاله مقاتل. و (الناس) اسم للحيوان الآدمي وسموا بذلك لتحركهم في مراداتهم. وقيل: سموا ناسا لما يعتريهم من النسيان.
وفي المراد بالعبادة ها هنا قولان:
أحدهما: التوحيد، والثاني: الطاعة، رويا عن ابن عباس. والخلق: والإيجاد. وإنما ذكر من قبلهم، لأنه أبلغ في التذكير، وأقطع للجحد، وأحوط في الحجة. وقيل: إنما ذكر من قبلهم، لينبههم على الاعتبار بأحوالهم من إثابة مطيع، ومعاقبة عاص.
وفي (لعل) قولان:
أحدهما: أنها بمعنى كي، وأنشدوا في ذلك:
وقلتم لنا كفوا الحروب لعنا * نكف ووثقتم لنا كل موثق فلما كففنا الحرب كانت عهودكم * كلمع سراب في الملا متألق يريد: لكي نكف، وإلى هذا المعنى ذهب مقاتل وقطرب وابن كيسان.