والثاني: أمر عيسى.
والثالث: دين الإسلام، وقد عرفوا صحته.
والرابع: نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد عرفوا صفته.
قوله [تعالى]: (إلا من بعد ما جاءهم العلم) أي: الإيضاح لما اختلفوا فيه (بغيا بينهم) قال الزجاج: معناه: اختلفوا للبغي، لا لقصد البرهان، وقد ذكرنا في " البقرة " معنى:
سريع الحساب.
فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فان أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد (20) قوله [تعالى]: (فإن حاجوك) أي: جادلوك، وخاصموك. قال مقاتل: يعني اليهود، وقال ابن جرير: يعني نصارى نجران في أمر عيسى، وقال غيرهما: اليهود والنصارى. (فقل أسلمت وجهي) قال الفراء: معناه: أخلصت عملي، وقال الزجاج: قصدت بعبادتي إلى الله.
قوله [تعالى]: (ومن اتبعن) أثبت الياء في الوصل دون الوقف أهل المدينة والبصرة، وابن شنبوذ عن قنبل، ووقف ابن شنبوذ ويعقوب بياء. قال الزجاج: والأحب إلى اتباع المصحف. وما حذف من الياءات في مثل قوله [تعالى]: (ومن اتبعن) و (لئن أخرتن) و (ربي أكرمن) و (ربي أهانن). فهو على ضربين:
أحدهما: ما كان مع النون، فإن كان رأس آية، فأهل اللغة يجيزون حذف الياء، ويسمون أواخر الآي الفواصل، كما أجازوا ذلك في الشعر.
قال الأعشى:
ومن شانئ كاسف باله * إذا ما انتسبت له أنكرن وهل يمنعني ارتيادي البلا * د من حذر الموت أن يأتين فأما إذا لم يكن آخر آية أو قافية، فالأكثر إثبات الياء، وحذفها جيد أيضا، خاصة مع النونات، لأن أصل " اتبعني " " اتبعي " ولكن " النون " زيدت لتسلم فتحة العين، فالكسرة وقال مع النون تنوب عن الياء، فأما إذا لم تكن النون، نحو غلامي وصاحبي، فالأجود إثباتها، وحذفها عند عدم النون جائز على قلته، تقول: هذا غلام، قد جاء غلامي، وغلامي بفتح الياء وإسكانها، فجاز الحذف، لأن الكسرة تدل عليها.