والثاني: أنه بمعنى: العلم، كقوله [تعالى]: (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل) قاله الفراء الإشارة إلى قصتهم روى السدي عن أشياخه: أن الله تعالى أمر موسى أن يخرج ببني إسرائيل، وألقى على القبط الموت، فمات بكر كل رجل منهم، فأصبحوا يدفنونهم، فشغلوا عن طلبهم حتى طلعت الشمس، قال عمرو بن ميمون: فلما خرج موسى بلغ ذلك فرعون، فقال: لا تتبعوهم حتى يصيح الديك، فما صاح ديك ليلتئذ. قال أبو السليل: لما انتهى موسى إلى البحر قال: هي أبا خالد، فأخذه أفكل، يعني: رعدة، قال مقاتل: تفرق الماء يمينا وشمالا كالجبلين المتقابلين، وفيهما كوى ينظر كل سبط إلى الآخر. قال السدي: فلما رآه فرعون متفرقا قال: ألا ترون البحر فرق مني، فانفتح لي؟! فأتت خيل فرعون فأبت أن تقتحم، فنزل جبريل على ماذيانة فتشامت الحصن ريح الماذيانة، فاقتحمت في إثرها، حتى إذا هم أولهم أن يخرج، ودخل آخرهم، أمر البحر أن يأخذهم، فالتطم عليهم.
وإذا واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعد وأنتم ظالمون (51) قوله [تعالى]: (وإذ واعدنا موسى أربعين).
قرأ أبو جعفر وأبو عمرو: " وعدنا " بغير ألف هاهنا، وفي (الأعراف) و (طه) ووافقهما أبان عن عاصم في (البقرة) خاصة. وقرأ الباقون " واعدنا " بألف. ووجه القراءة الأولى: إفراد الوعد من الله تعالى، ووجه الثانية: أنه لما قبل موسى وعد الله عز وجل، صار ذلك مواعدة بين الله تعالى وبين موسى. ومثله: (لا تواعدوهن سرا).