" البيوت " وقرأ أبو عمر وأبو جعفر بضم الأحرف الخمسة، وكسرهن جميعا حمزة، واختلف عن عاصم. قال الزجاج: " البيوت " الجمع: بيت وبيوت، مثل: قلب وقلوب، وفلس وفلوس. ومن كسر، الياء بعد الباء، وذلك عند البصريين ردئ جدا، لأنه ليس في الكلام فعول بكسر الفاء وسمعت شيخنا أبا منصور اللغوي يقول: إذا كان الجمع على فعول، وثانيه ياء، جاز فيه الضم والكسر، تقول: بيوت وبيوت، وشيوخ وشيوخ، وقيود وقيود.
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (190) قوله [تعالى]: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم).
سبب نزولها: أن رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم]، لما صد عن البيت، ونحر هديه بالحديبية، وصالحه المشركون على أن يرجع من العام المقبل، رجع، فلما تجهز في العام المقبل، خاف أصحابه أن لا تفي قريش بذلك، وأن يصدوهم ويقاتلوهم، وكره أصحابه القتال في الشهر الحرام، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس.
قوله [تعالى]: (ولا تعتدوا) أي: ولا تظلموا. وفي المراد بهذا الاعتداء أربعة أقوال:
أحدها: أنه قتل النساء والولدان، قاله ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: أن معناه: لا تقاتلوا من لم يقاتلكم، قاله سعيد بن جبير، وأبو العالية، وابن زيد.
والثالث: أنه إتيان ما نهوا عنه، قاله الحسن.
والرابع: أنه ابتداؤهم بالقتال في الحرم في الشهر الحرام، قاله مقاتل.
فصل اختلف العلماء: هل هذه الآية منسوخة أم لا؟ على قولين:
أحدهما: أنها منسوخة. واختلف أرباب هذا القول في المنسوخ منها على قولين:
أحدهما: أنه أولها، وهو قوله (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) قالوا: وهذا يقتضي أن القتال يباح في حق من قاتل من الكفار، ولا يباح في حق من لم يقاتل، وهذا منسوخ بقوله:
(واقتلوهم حيث ثقفتموهم).