أحدها: أنه لا يفوته أحد منهم، فهو جامعهم يوم القيامة. ومثله قوله [تعالى]: (أحاط بكل شئ علما) قاله مجاهد.
والثاني: أن الإحاطة: الإهلاك، مثل قوله [تعالى] (وأحيط بثمره).
والثالث: أنه لا يخفى عليه ما يفعلون.
يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شئ قدير (20) قوله تعالى: (يكاد البرق يخطف أبصارهم). يكاد بمعنى: يقارب، وهي كلمة إذا أثبتت انتفى الفعل، وإذا نفيت ثبت الفعل. وسئل بعض المتأخرين فقيل له:
أنحوي هذا العصر ما هي كلمة * جرت بلساني جرهم وثمود إذا نفيت والله يشهد أثبتت * وإن أثبتت قامت مقام جحود ويشهد للإثبات عند النفي قوله تعالى: (لا يكادون يفقهون حديثا) وقوله (إذا أخرج يده لم يكد يراها) ومثله (لا يكاد يبين) ويشهد للنفي عند الإثبات قوله [تعالى] (يكاد البرق) و (يكاد سنا برقه) و (يكاد زيتها يضئ). وقال ابن قتيبة: كاد: بمعنى هم ولم يفعل. وقد جاءت بمعنى فعل. قال ذو الرمة:
ولو أن لقمان الحكيم تعرضت * لعينيه مي سافرا كاد يبرق أي لو تعرضت له لبرق، أي: دهش وتحير.
قلت: وقد قال ذو الرمة في المنفية ما يدل على أنها تستعمل على خلاف الأصل، وهو قوله:
إذا غير النأي المحبين لم يكد * رسيس الهوى من حب مية يبرح أراد: لم يبرح.
قوله [تعالى]: (يخطف أبصارهم).
قرأ الجمهور يخطف بفتح الياء، وسكون الخاء وفتح الطاء، وقرأ أبان بن تغلب. وأبان بن يزيد كلاهما عن عاصم، بفتح الياء وسكون الخاء، وكسر الطاء مخففا. ورواه الجعفي عن أبي بكر عن عاصم، بفتح الياء وكسر الخاء، وتشديد الطاء، وهي قراءة الحسن، وعن الحسن كذلك،