الأنباري في هذا قولين:
أحدهما: أن العرب توقع الجمع على التثنية، إذا كانت التثنية أقل الجمع. كقوله [تعالى]:
(أولئك مبرؤون مما يقولون) وإنما يريد عائشة وصفوان، وكذلك قوله: (وكنا لحكمهم شاهدين) يريد: داود وسليمان.
والثاني: أن العرب توقع الوقت الطويل على الوقت القصير، فيقولون: قتل ابن الزبير أيام الحج، وإنما كان القتل في أقصر وقت.
فصل اختلف العلماء فيمن أحرم بالحج قبل أشهر الحج، فقال عطاء، وطاوس ومجاهد، والشافعي: لا يجزئه ذلك، وجعلوا فائدة قوله: (الحج أشهر معلومات) أنه لا ينعقد الحج إلا فيهن. وقال أبو حنيفة، ومالك، والثوري، والليث بن سعد، وأحمد بن حنبل: يصح الإحرام بالحج قبل أشهر فعلى هذا يكون قوله: (الحج أشهر معلومات) أي: معظم الحج يقع في هذه الأشهر، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الحج عرفة).
قوله [تعالى]: (فمن فرض فيهن الحج) قال ابن مسعود: هو الإهلال بالحج والاحرام به.
وقال طاوس، وعطاء: هو أن يلبي. وروي عن علي، وابن عمر، ومجاهد، والشعبي في آخرين:
أنه إذا قلد بدنته فقد أحرم، وهذا محمول على أنه قلدها ناويا للحج ونص الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه، في رواية الأثرم: أن الإحرام بالنية. قيل له: يكون محرما بغير تلبية؟ قال: نعم إذا عزم على الإحرام، وهذا قول مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يجوز الدخول في الإحرام إلا بالتلبية أو تقليد الهدي وسوقه.
قوله تعالى: (فلا رفث) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر: (فلا رفث ولا فسوق) بالضم والتنوين. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي بغير تنوين، ولم يرفع أحد