أحدهما: في دار الدنيا، وذلك بطريقين: أحدهما: بالاستدراج والإمهال الذي يزيدهم عذابا.
والثاني: باطلاع النبي والمؤمنين على أحوالهم التي أسروها.
والقول الثاني: أن عود الخداع عليهم في الآخرة. وفي ذلك قولان:
أحدهما: أنه يعود عليهم عند ضرب الحجاب بينهم وبين المؤمنين، وذلك قوله: (قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب) الآية...
والثاني: أنه يعود عليهم عند اطلاع أهل الجنة عليهم، فإذا رأوهم طمعوا في نيل راحة من قبلهم، فقالوا: (أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) فيجيبونهم: (إن الله حرمهما على الكافرين).
قوله [تعالي]: (وما يشعرون) أي: وما يعلمون. وفي الذي لم يشعروا به قولان:
أحدهما: أنه اطلاع الله نبيه على كذبهم، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه إضرارهم بأنفسهم بكفرهم، قاله ابن زيد.
في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون (10) قوله [تعالى] (في قلوبهم مرض) المرض ها هنا: الشك، قاله عكرمة، وقتادة.
(فزادهم الله مرضا) هذا الإخبار من الله عز وجل أنه فعل بهم ذلك، و " الأليم " بمعنى المؤلم، والجمهور يقرأون (يكذبون) بالتشديد، وقرأ الكوفيون سوى أبان، عن عاصم بالتخفيف مع فتح الياء.
وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) قوله [تعالى]: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض) اختلفوا فيمن نزلت على قولين:
أحدهما: أنها نزلت في المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم]، وهو قول الجمهور، منهم ابن عباس، ومجاهد.
والثاني: أن المراد بها قوم لم يكونوا خلقوا حين نزولها، قاله سلمان الفارسي. وكان الكسائي يقرأ بضم القاف من " قيل " والحاء من " حيل " والغين من " غيض " والجيم من " جئ "، والسين من " سئ " و " سيئت ". وكان نافع يضم " سئ " و " سيئت "، ويكسر البواقي، والآخرون يكسرون جميع ذلك.
وقال الفراء: أهل الحجاز من قريش ومن جاورهم من بني كنانة يكسرون القاف في " قيل "