والرابع: انه حلف الرجل على معصية، فليحنث، وليكفر، ولا إثم عليه. قاله سعيد بن جبير.
والخامس: أن يحلف الرجل على شئ، ثم ينساه. قاله النخعي. وقول عائشة أصح الجميع. قال حنبل: سئل أحمد عن اللغو فقال: الرجل يحلف فيقول: لا والله، وبلى والله، لا يريد عقد اليمين، فإذا عقد على اليمين لزمته الكفارة.
قوله [تعالى]: (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) قال مجاهد: أي: ما عقدت عليه قلوبكم " والحليم ": ذو الصفح الذي لا يستفزه غضب، فيعجل، ولا يستخفه جهل جاهل مع قدرته على العقوبة. قال أبو سليمان الخطابي: ولا يستحق اسم الحليم من سامح مع العجز عن المجازاة، إنما الحليم الصفوح مع القدرة، المتأني الذي لا يعجل بالعقوبة. وقد أنعم بعض الشعراء أبياتا في هذا المعنى فقال:
لا يدرك المجد أقوام وإن كرموا * حتى يذلوا وإن عزوا لأقوام ويشتموا حتى فترى الألوان مسفرة * لا صفح ذل ولكن صفح أحلام قال، ويقال: حلم الرجل يحلم حلما يضم اللام في الماضي والمستقبل. وحلم في النوم، بفتح اللام، يحلم حلما، اللام في المستقبل والحاء في المصدر مضمومتان.
فصل الأيمان على ضربين، ماض ومستقبل، فالماضي على ضربين: يمين محرمة، وهي: اليمين الكاذبة، وهي أن يقول: والله ما فعلت، وقد فعل. أو: لقد فعلت، وما فعل. ويمين مباحة، وهي أن يكون صادقا في قوله. ما فعلت. أو: لقد فعلت. والمستقبلة على خمسة أقسام:
أحدها: يمين عقدها طاعة والمقام عليها طاعة، وحلها معصية، مثل أن يحلف: لأصلين الخمس، ولأصومن رمضان، أو: لا شربت الخمر.
والثاني: عقدها معصية، والمقام عليها معصية، وحلها طاعة، وهي عكس الأولى.
والثالث: يمين عقدها طاعة، والمقام عليها طاعة، وحلها مكرهة، مثل ان يحلف: ليفعلن النوافل من العبادات.
والرابع: يمين عقدها مكروه، والمقام عليها مكروه، وحلها طاعة، وهي عكس التي قبلها.