قوله [تعالى]: (ويسئلونك ماذا ينفقون) قال ابن عباس: الذي سأله عن ذلك عمرو بن الجموح: قال ابن قتيبة: والمراد بالنفقة هاهنا: الصدقة والعطاء.
قوله [تعالى]: (قل العفو) قرأ أبو عمرو برفع واو " العفو " وقرأ الباقون بنصبها قال أبو علي: " ماذا " في موضع نصب، فجوابه العفو بالنصب، كما تقول في جواب. ماذا أنفقت؟
درهما، أي: أنفقت درهما. هذا وجه نصب العفو. ومن رفع جعل " ذا " بمنزلة الذي، ولم يجعل " ماذا " اسما واحدا، فإذا قال قائل: ماذا أنزل ربكم؟ فكأنه قال: ما الذي أنزل ربكم؟ فجوابه:
قرآن. قال الزجاج: " العفو " في اللغة: الكثرة والفضل، يقال: قد عفا القوم: إذا كثروا.
و " العفو ": يأتي بغير كلفة. وقال ابن قتيبة: العفو: الميسور. يقال: خذ ما عفاك، أي: ما أتاك سهلا بلا إكراه ولا مشقة.
وللمفسرين في المراد بالعفو هاهنا خمسة أقوال:
أحدها: أنه ما يفضل عن حاجة المرء وعياله، رواه مقسم عن ابن عباس.
والثاني: ما تطيب به أنفسهم من قليل وكثير، رواه عطية عن ابن عباس.
والثالث: أنه القصد من الإسراف والإقتار، قاله الحسن، وعطاء، وسعيد بن جبير.
والرابع: أنه الصدقة المفروضة، قاله مجاهد.
والخامس: أنه ما لا يتبين عليهم مقداره، من قولهم: عفا الأثر إذا خفي ودرس، حكاه شيخنا عن طائفة من المفسرين.
فصل وقد تكلم علماء الناسخ والمنسوخ في هذا الآية، فروى السدي عن أشياخه أنها نسخت بالزكاة، وأبي نسخها آخرون. وفصل الخطاب في ذلك أنا متى قلنا: إنه فرض عليهم بهذه الآية التصدق بفاضل المال، أو قلنا: وجبت عليهم هذه الآية صدقة قبل الزكاة، فالآية منسوخة بآية الزكاة، ومتى قلنا، إنها محمولة على الزكاة المفروضة كما قال مجاهد، أو على الصدقة المندوب