والثاني: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أمر بزكاة الفطر، فجاء رجل بتمر ردئ، فنزلت هذه الآية. هذا قول جابر بن عبد الله. وفي المراد بهذه النفقة قولان:
أحدهما: أنها الصدقة المفروضة، قاله عبيدة السلماني في آخرين.
والثاني: أنها التطوع. وفي المراد بالطيب هاهنا قولان:
أحدهما: أنه الجيد الأنفس، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه الحلال، قاله أبو معقل في آخرين.
قوله [تعالى]: (ولا تيمموا) أي: لا تقصدوا. والتيمم في اللغة: القصد. قال ميمون بن قيس:
تيممت قيسا وكم دونه * من الأرض من مهمه ذي شزن وفي الخبيث قولان:
أحدهما: أنه الردئ، قاله الأكثرون وسبب الآية يدل عليه.
والثاني: أنه الحرام، قاله ابن زيد.
قوله [تعالى]: (ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) قال ابن عباس: لو كان بعضكم يطلب من بعض حقا له، ثم قضاه ذلك، ولم يأخذه إلى أن يرى أنه قد أغمض عن بعض حقه. وقال ابن قتيبة: أصل هذا أن يصرف المرء بصره عن الشئ، ويغمضه، فسمي الترخص إغماضا. ومنه قول الناس للبائع: أغمض، أي: لا تشخص، وكن كأنك لا تبصر. وقال غيره: لما كان الرجل إذا رأى ما يكره، أغمض عينيه، لئلا يرى جميع ما يكره، جعل التجاوز والمساهلة في كل شئ إغماضا.
قوله [تعالى]: (واعلموا أن الله غني) قال الزجاج: لم يأمركم بالتصدق عن عوز، لكنه بلا أخباركم، فهو حميد على ذلك. يقال: قد غني زيد، يغنى غنى مقصور: إذا استغنى، وقد غني القوم: إذا نزلوا في مكان يغنيهم، والمكان الذي ينزلون فيه مغنى. والغواني: النساء، قيل: إنما سمين بذلك، لأنهن غنين بجمالهن، وقيل: بأزواجهن. فأما " الحميد " فقال الخطابي: هو بمعنى المحمود، فعيل بمعنى مفعول.
الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم (268)